فلسطين: إدارة النفايات الصلبة تحت الاحتلال

أطلس البلاستيك

يواجه الفلسطينيّون/ات صعوبات جمّة في إدارة النفايات الصلبة بسبب سياسات الاحتلال، لكنّ ازدياد كمّيّات النفايات بفعل النموّ السكانيّ وأنماط الإستهلاك تستدعي جميعها إدارة أفضل وتضافرًا للجهود بين القطاعات كافّة، لإيجاد حلول لهذه المشكلة.

وقت القراءة: %count دقيقة
الفنايات الصلبة البلديّة في فلسطين

بمرور 53 عامًا الآن على الاحتلال العسكريّ الإسرائيليّ، تجهد مؤسّسات الحكومة الفلسطينيّة لحلّ مشكلة النفايات الصلبة. تتوسّع المستوطنات الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة وتتعدّى على التجمّعات الفلسطينيّة ليس فقط بمصادرة الأرض والموارد الطبيعيّة معها، ولكن أيضًا بتجريد الفلسطينيّين من السيطرة والسيادة، أو ما تبقّى منها في جميع الأحوال. منذ إنشاء السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة سنة 1994، استعملت إسرائيل السلطة الفلسطينيّة حديثة التكوين ككبش فداء لإعفاء نفسها من عبء توفير الخدمات الأساسيّة لسكّان الأرض المحتلّة –وهو واجبها بموجب القانون الدوليّ الإنسانيّمثل جمع النفايات الصلبة والتصرّف بها. غير أنّها حافظت في ذات الوقت على سيطرتها المطلقة على كلّ منحى من مناحي حياة الفلسطينيّين/ات. ولكن، مع نموّ تعداد الفلسطينيّين –الآن نحو خمسة ملايين في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة– فإنّ النفايات تتراكم، الأمر الذي ترك السلطة الفلسطينيّة تتخبّط لإيجاد حلول وسط فرط التعقيدات والتقييدات والوضع الجيوسياسيّ الشائك عمومًا.

 

نظرة عامّة على النفايات

في سنة 2019، أنتج الفلسطينيّون نحو 4,333 طنّ من النفايات الصلبة في اليوم الواحد، أي ما يقارب 1.58 مليون طنّ في سنة واحدة، وهو ما يكافئ تقريبًا 0.87 كغم/للفرد/اليوم (0.9 كغم/للفرد/اليوم في الضفّة الغربيّة، و0.7 كغم/للفرد/اليوم في غزّة). يُتوقّع لهذه الأرقام، التي تشمل القدس الشرقيّة، أن تزداد بما يقارب 4 بالمائة سنويًّا بفعل النموّ السكّانيّ وأنماط الاستهلاك الحاليّة. يتمّ التخلّص من نحو 65 بالمائة من النفايات البلديّة في مطامر صحّيّة، بينما يتمّ التخلّص من الكميّة المتبقيّة في مكبّات معظمها عشوائيّ/غير قانونيّ وهي سبب دائم لتلوّث البيئة الفلسطينيّة. بالرغم من النجاح في التمكّن من إغلاق 52 موقع نفايات عشوائيًّا ما بين سنة 2010 وسنة 2016، يبقى هناك العشرات منها والتي تشغل مئات الدونمات من الأراضي (1 دونم يساوي ألف متر مربّع). يضاف إلى ذلك الظاهرة الخطرة المتمثّلة بالحرق غير القانونيّ للنفايات الإلكترونيّة بغرض استخراج الموادّ الخامّ مثل المعادن في الأسلاك، حيث تبقى هذه الممارسة سببًا في انتشار السموم بنسب منذرة بالخطر في مناطق عدّة مثل إذنا في الخليل.

يوجد حاليًّا خمسة مطامر صحّيّة رئيسيّة في فلسطين، منها ثلاثة في الضفّة الغربيّة هي مطمر أريحا، زهرة الفنجان في جنين، المنيا في بيت لحم؛ واثنان في قطاع غزّة هما صوفا (الفُخري) وجحر الديك. بالإضافة إلى ذلك، تمّ في سنة 2018 تحويل موقع نفايات في بيت عنان في القدس إلى مطمر نفايات منظّم، ورغم صغره إلّا أنّه ساعد في استيعاب بعض النفايات من المناطق المحيطة وأيضًا من محافظة رام الله والبيرة. إنّ الكمّيّات المتزايدة من النفايات الصلبة البلديّة تجبر هذه المكبّات على العمل بأعلى من طاقتها وتهدّد المعايير البيئيّة لديها وفي المناطق المجاورة. إذا لم يتمّ توفير مساحات إضافيّة كافية، سواء بإضافة عنابر في ذات المواقع أو ضمن مواقع جديدة، فلن تتمكّن هذه المواقع من البقاء في تصنيف "صحّيّ". إنّه أمر حيويّ خصوصًا لأنّ الاستراتيجيّة الوطنيّة لإدارة النفايات الصلبة في فلسطين 2017-2022 قد وضعت هدف أن تزيد تغطية المطامر الصحّيّة للنفايات من 53 بالمائة في 2017 إلى 100 بالمائة في 2022.

علاوة على ذلك، تُفاقم النفايات الواصلة من المستوطنات الإسرائيليّة غير القانونيّة من الحالة الصعبة لهذه المطامر المُثقلة أصلًا. حاليًّا هناك أكثر من 200 مستوطنة إسرائيليّة في الضفّة الغربيّة تأوي ما يزيد عن 620 ألف مستوطن. وفي حين يوجد في الضفّة الغربيّة مطامر إسرائيليّة حصريّة، فإنّ مكبّ المنيا على سبيل المثال يستقبل النفايات من المستوطنات القريبة. يضاف إلى ذلك أنّ النفايات من المستوطنات يتمّ رميها بطريقة غير قانونيّة في عدّة مواقع عشوائيّة، يقع معظمها بالقرب من التجمّعات الفلسطينيّة، ويتمّ ذلك دون رقابة أو مساءلة. كشفت مجلّة آفاق في شهر أيلول/سبتمبر 2016 أنّ نفايات إسرائيليّة سامّة، عضويّة وغير عضويّة، تنتشر على آلاف الدونمات إلى الغرب من نهر الأردن وشمال أريحا. كما كشفت المجلّة أنّ نفايات ملوَّثة وأسمدة سامّة إسرائيليّة قد تمّ رميها في أراضٍ مفتوحة قرب عين العوجا في أريحا، مشكّلة بذلك تهديدًا بتلوّث التربة والينابيع في المنطقة. علاوة على ذلك، تشير مصادر المجلّة إلى أنّ أكثر من نصف النفايات الإلكترونيّة التي تصدر عن إسرائيل يتمّ التخلّص منه في الضفّة الغربيّة.

لا تقف قضيّة المصادر الخارجيّة للنفايات عند هذا الحدّ، فقد دأبت إسرائيل بشكل ممنهج على نقل نفاياتها الخطرة إلى الضفّة الغربيّة. في كانون الأوّل/ديسمبر 2017، كشفت منظّمة حقوق الإنسان الإسرائيليّة بتسيلم عن وجود 15 منشأة لمعالجة النفايات تشغّلها إسرائيل في الضفّة الغربيّة. تقوم هذه المنشآت بالتعامل مع النفايات والموادّ الخطرة مثل النفايات الطبيّة، والنفايات المذيبة، ونفايات النفط والمعادن، والنفايات الإلكترونيّة والبطاريّات، وأيضًا الحمأة. رغم أنّ الغرض من هذه المنشآت هو معالجة النفايات، تقول بتسيلم إنّها صناعة ملوّثة يمكن أن يكون لها تبعات على البيئة والصحّة العامّة. يصف التقرير ممارسات إسرائيل أنّها تحوّل الضفّة الغربيّة إلى "منطقة تضحية" حيث لا تنطبق الأنظمة البيئيّة الإسرائيليّة الصارمة وحيث تكون تكلفة التخلّص العشوائيّ أقلّ بكثير. هكذا يمكن للأعمال التجاريّة الإسرائيليّة أن تستفيد بشكل غير قانونيّ على حساب الفلسطينيّين. لقد حاولت السلطة الفلسطينيّة تحدّي النقل غير القانونيّ لهذه النفايات الخطرة من خلال عدد من الاتّفاقات والمعاهدات الدوليّة التي قامت بالتوقيع عليها في الأعوام الماضية. من أهمّ هذه المحاولات، قامت السلطة بتقديم عدّة شكاوى والتبليغ عن العديد من الانتهاكات لاتّفاقيّة بازل بشأن التحكّم في نقل النفايات الخطرة والتخلّص منها عبر الحدود.

الإطار القانونيّ: ما بين النظريّة والممارسة

على المستوى التشريعيّ، أحرزت السلطة الفلسطينيّة تقدّمًا في تشريع إدارة النفايات الصلبة. من أهمّ هذه التشريعات والقوانين: قانون رقم (1) لسنة 1997 بشأن الهيئات المحلّيّة الفلسطينيّة، قانون رقم (7) لسنة 1999 بشأن البيئة والمعدّل سنة 2013، قانون الصحّة العامّة رقم (20) لسنة 2004، المادّة 33 من القانون الأساسيّ المعدّل لسنة 2005،  قرار مجلس الوزراء رقم (10) لسنة 2012 بنظام إدارة النفايات الطبّيّة وتداولها، قرار رقم (1) لسنة 2016 بالنظام الأساسيّ لمجالس الخدمات المشتركة، قرار مجلس الوزراء رقم (3) لسنة 2019 بنظام إدارة النفايات الصلبة، ومن المتوقّع أن تقرّ في أيّ لحظة مسودّات قوانين بشأن نفايات الإنشاءات والهدم، والنفايات الخطرة. في حين إنّ إصدار هذه القوانين وعدد من الخطط الاستراتيجيّة هو خطوة في الاتّجاه الصحيح، يبقى التطبيق والإنفاذ على أرض الواقع ضعيفًا جدًّا. يمكن وصف الاستراتيجيّات والخطط الوطنيّة على أنّها عالية الطموح، فكثير من أهدافها غالبًا ما لا يتحقّق. من الأمثلة على ذلك الهدف الوارد في خطّة التنمية الوطنيّة 2014-2016 الرامي إلى زيادة نسبة إعادة تدوير النفايات الصلبة إلى 25 بالمائة في 2016، وهي نسبة حسب الاستراتيجيّة الوطنيّة لإدارة النفايات الصلبة في فلسطين 2017-2022 لم تتجاوز الـ 1 بالمائة في سنة 2017. وهذه الاستراتيجيّة الأخيرة هي أيضًا قد وَضعت هدفًا مفرط الطموح يتمثّل في الوصول إلى 30 بالمائة في 2022. يؤشّر هذا على وجود مشكلة جدّيّة على المستوى الإداريّ أسبابها إداريّة وماليّة وتقنيّة. من القضايا الماليّة حقيقة أنّه ليس بإمكان مزوّدي الخدمة تحصيل رسوم الخدمة، أو استرداد الكلفة، أو التخلّي عن الاعتماد على أموال المانحين الدوليّين.

ولكنّ ما سبق ليس، بأيّ حال من الأحوال، العقبة الوحيدة لتنمية القطاع. إنّ نظام التصاريح، الذي تفرضه إسرائيل في الأرض الفلسطينيّة المحتلّة والذي يمتدّ ليطال جميع مناحي الحياة شاملًا أيّ الأماكن المسموحة والممنوعة للفلسطينيّين/ات، يبقى العائق الأهمّ في وجه تطبيق وتنفيذ مشاريع البنى التحتيّة. يتوجّب على جميع المشاريع في الضفّة الغربيّة أن تحصل على موافقة الإدارة المدنيّة الإسرائيليّة، والتي تؤخّر عمدًا العديد من هذه المشاريع الحيويّة، هذا إن لم ترفضها أصلًا. على سبيل المثال، تمّ اقتراح مكبّ رمّون في محافظة رام الله والبيرة في سنة 2003، وهو مشروع وعد بتمويله بنك التنمية الألمانيّ، ولم يتمّ تنفيذه إلى الآن بسبب إشكاليّات في الحصول على الموافقة من الإدارة المدنيّة.

في غزّة، حالت القيود المفروضة على دخول الموادّ ضمن الحصار المفروض منذ سنة 2007 دون تنفيذ مشاريع بنى تحتيّة حيويّة، لا تقتصر فقط على النفايات الصلبة وإنّما تطال المياه والطاقة الكهربائيّة. استمرّت هذه السياسات الإسرائيليّة رغم إدانات المجتمع الدوليّ ورغم الانخراط الكبير للمموّلين الدوليّين في هذه المشاريع. يعاني أصلًا السكّان المحتجزون في غزّة، والذين يتجاوز تعدادهم المليونين، من كارثة بيئيّة حاصلة في هذا الجزء من العالم الذي نُعت بأنّه "غير قابل للحياة". لا بدّ أن يكون من تحرّك أقوى من قبل المجتمع الدوليّ، ليس فقط لوقف التدهور البيئيّ في غزّة، ولكن أيضًا لمنح الفلسطينيّين العدالة وحقّهم في تقرير مصيرهم.

يفوّض قانون رقم (1) لسنة 1997 بشأن الهيئات المحلّيّة الفلسطينيّة جميع مسؤوليّات إدارة النفايات الصلبة إلى الهيئات المحلّيّة، وهي أجسام محلّيّة مثل البلديّات والمجالس القرويّة، ويتمّ ذلك تحت إشراف وزارة الحكم المحلّيّ. تشمل مسؤوليّات الهيئات المحلّيّة جمع النفايات البلديّة ونقلها والتخلّص الصحّيّ منها وإعادة تدويرها (إن وُجد). وكونه يوجد العديد من هذه الأجسام المحلّيّة، وبعضها ببساطة صغير و/أو ليس له القدرات الكافية للتكفّل بإدارة النفايات الصلبة، فقد اندمج عدد منها لتشكيل مجالس الخدمات المشتركة. يوجد اليوم 13 من هذه المجالس في الضفّة الغربيّة (بما فيها القدس الشرقيّة) ومجلسان في غزّة. يختلف الوضع قليلًا في المخيّمات الفلسطينيّة، حيث إنّ وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (الأونروا) هي الجهة المسؤولة عن جمع النفايات ونقلها. واجهت الأونروا في الأعوام القليلة الماضيّة صعوبات ماليّة أدّت إلى وقف مؤقّت لخدمات النفايات الصلبة في العديد من المناسبات، ما أدّى إلى تراكم للنفايات لا يمكن احتماله، كان جليًّا حتّى للسيّارات المارّة قرب المخيّمات.

أطلس البلاستيكِ

عالم خالٍ من التلوث البلاستيكي هو رؤية تستحق النضال من أجلها. يقدم أطلس البلاستيكِ حقائق وأرقامًا عن عالم مليء بالبلاستيك.

ماذا عن إعادة التدوير وإعادة الاستخدام؟

لم تكن محاولات فرز النفايات وإعادة تدويرها في فلسطين سوى محاولات هامشيّة. تشير التقديرات إلى أنّ فقط 1 بالمائة من النفايات الصلبة تتمّ إعادة تدويره حاليًّا. في سنة 2010، نحو ربع عمليّات إعادة التدوير في فلسطين كانت للبلاستيك (مصلح وخطيب، 2010). ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 3 بالمائة إذا ما تمّ شمل الموادّ المستعادة أو المعاد استخدامها. ومع ذلك فهناك إمكانيّات استثنائيّة لإعادة التدوير والتحويل إلى سماد، وليس ذلك من أجل حلّ مشكلة الكمّيّات المتزايدة من النفايات الصلبة فقط، وإنّما أيضًا لتحسين استرداد الكلفة وخلق فرص عمل جديدة. ويصحّ هذا على وجه الخصوص كون النفايات القابلة للتحلّل الأحيائيّ والتي بالإمكان إعادة تدويرها تشكّل غالبيّة النفايات الصلبة التي يتمّ إنتاجها في فلسطين.

ما يزال قطاع إعادة التدوير وإعادة الاستخدام في فلسطين صغيرًا نسبيًّا وغير رسميّ بطبيعته إلى حدّ بعيد. يشمل القطاع حاليًّا إعادة تدوير الزجاج والبلاستيك والورق والكرتون، منتجًا بذلك موادّ خامًّا للصناعات المحلّيّة، ولكن أكثر للصناعات في إسرائيل وفي العالم. هناك أيضًا القليل من إعادة استخدام المعادن، ولكنّه لا يُؤخذ في حساب تدفّق النفايات البلديّة كونه يسير في قناة أخرى هي الشاحنات الصغيرة التي تجوب الأحياء السكنيّة وتجمع أو تشتري النفايات المعدنيّة من البيوت أو المؤسّسات. هناك بعض الأمثلة الناجحة لفصل النفايات وإعادة تدويرها كتلك الحاصلة في مطمر المنيا، حيث يتمّ فرز ونقل بعض النفايات مثل البلاستيك والمعادن والكرتون والزجاج لإعادة تدويره، كما ويتمّ تحويل النفايات العضويّة إلى سماد قليل الجودة ليُستخدم في المطمر. ولكنّ هذا النوع من الجهود يجب شحذه لزيادة نسبة النفايات التي يُعاد تدويرها، خصوصًا أنّ معظم المشاريع الأخرى حاليًّا هي مشاريع استرشاديّة ولم تحقّق بعد النتائج المرجوّة على المستوى الوطنيّ.

بما أنّ معظم النفايات القابلة لإعادة التدوير يتمّ خلطه مع النفايات البلديّة الأخرى، يجب أن يكون هناك جهود متزايدة لفصل النفايات من أجل تشجيع المزيد من إعادة التدوير. يوجد حاليًّا 15 محطّة تحويل في فلسطين تستقبل نحو نصف النفايات التي تجمعها مجالس الخدمات المشتركة. وبالرغم من يجري ذِكر سياسة إعادة التدوير ومفهوم العناصر الثلاثة (3 Rs: التخفيض وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير) في الوثائق الرسميّة، إلّا أنّ الفصل في المصدر لا يتمّ تطبيقه بشكل كافٍ، كما يغيب مفهوم خفض النفايات إلى الحدّ الأدنى. الفصل في المصدر ضروريّ اليوم أكثر من أيّ وقت مضى وذلك لتفادي تلوّث النفايات القابلة لإعادة التدوير حين تختلط مع سواها من النفايات البلديّة. لكنّ الأهمّ هو الحاجة إلى تغيير في أنماط الاستهلاك الناجمة عن النظام الاقتصاديّ الحاليّ، وأيضًا إلى الوعي بالحاجة إلى خفض النفايات. لا يمكننا، كما جاء في أطلس البلاستيك هذا في أكثر من جزء، أن نعيد تدوير خروجنا من مشكلة النفايات البلاستيكيّة والنفايات الصلبة. في الحقيقة، يمكن للفلسطينيّين/ات أن يعودوا إلى أسلوب الحياة المستدام الذي عرفه قدماؤهم/نّ وإلى المعرفة والممارسات التقليديّة الغنيّة والتي هي صديقة للبيئة فعليًّا.

بالإضافة إلى كلّ ما سبق، يمكن خفض النفايات العضويّة جوهريًّا، وهي التي تشكّل نحو 50 بالمائة من مجمل النفايات البلديّة، وذلك بممارسات بسيطة من مثل تحضير السماد للحدائق على مستوى البيوت أينما أمكن، أو على نطاق أوسع. علاوة على ذلك، بات البلاستيك مشكلة عالميّة تسوء مع مرور كلّ يوم وهو يلوّث بيئتنا ويضرّ بنُظمنا البيئيّة بكاملها. بالرغم من التقييدات السياسيّة، يجب أن تكون فلسطين جزءًا من الجهد العالميّ لمواجهة مشكلة البلاستيك. يمكن تحقيق ذلك فقط من خلال جهد موحّد من الأجسام الحكوميّة ومنظّمات المجتمع المدنيّ والنشطاء والناشطات البيئيّين والاجتماعيّين من أجل رفع الوعي حول هذا الشأن على مستوى المجتمع، مستحثّين الناس على رفض استخدام أكياس البلاستيك في النشاطات اليوميّة وعلى خفض النفايات بشكل عامّ. بالمقابل، يجب حثّ المصنّعين/ات والتجّار والتاجرات على التخلّي عن البلاستيك والتحوّل إلى موادّ أكثر مراعاة للبيئة. كما يجب وضعهم أمام مسؤوليّتهم/نّ لمشاركتهم/نّ في إغراق السوق بالبلاستيك.

مبادرات

ازداد الوعي حول النفايات في الأعوام القليلة الماضية، وقد ظهر العديد من المبادرات المجتمعيّة الفلسطينيّة. لقد أحيَت حملاتهم ونشاطاتهم واسعة النطاق روح التطوّع وعزّزت من الحلول المدعومة مجتمعيًّا للمشاكل الكبيرة. تتناول هذه المبادرات قضيّة النفايات الصلبة منتهجة مقاربات وأساليب مختلفة، جميعها ملهمة. يمكن تصنيف هذه المبادرات وفق الفئات التالية: مجموعات المتطوّعين/ات التي تقود حملات وعي وحملات تنظيف في المناطق الريفيّة والحضرّية؛ مبادرات ومؤسّسات تجاريّة لإعادة تدوير الورق/الكرتون والبلاستيك، وأيضًا مهندسون/ات ينتجون موادّ بناء من نفايات الإنشاءات والمباني المهدّمة؛ أفراد أو مشاريع ناشئة يقومون بمشاريع رياديّة وتطبيقات للموبايل حول إعادة تدوير وإعادة استخدام الموادّ المختلفة؛ فنّانون/ات يبدأون مشاريع لإعادة التدوير برفع القيمة والجودة (upcycling) لمختلف الموادّ؛ أفراد ومجموعات يعملون على رفع الوعي من خلال المدوّنات وغيرها من منصّات التواصل الاجتماعيّ؛ وأخيرًا منظّمات المجتمع المدنيّ والمجموعات المجتمعيّة التي تقوم بحملات التوعية. إضافة إلى ما سبق، هناك مجموعات النشطاء والناشطات في مجال الزراعة البيئيّة الذين يساهمون/نّ أيضًا في خطاب يشجّع على خفض النفايات وتبنّي أسلوب حياة أكثر استدامة.

يمكن أن تكون هذه المبادرات صغيرة، ويمكن أن تكون غير قادرة على حلّ مشكلة النفايات الصلبة بمفردها، ولكنّها تعطي الأمل بوعي أفضل وضمير جمعيّ حول مسألة النفايات. ليس بمقدورنا سوى أن نأمل أن تتكلّل أعمالهم/نّ في جهد مشترك يجمع القطاعات كافّة، وأيضًا في إرادة سياسيّة أقوى لمعالجة مشكلة النفايات وغيرها من قضايا البيئة في فلسطين.


مراجع:

  1.  Based on information provided by the Palestinian Environmental Quality Authority, July, 2020.
  2. SWEEPNET: Country Report on the Solid Waste Management in Occupied Palestinian Territories, April 2014, p.16
  3.  Ministry of Local Government (MoLG)- Japan International Cooperation Agency (JICA): Data Book Solid Waste Management of Joint Service Councils West Bank, November 2017. CESVI: Solid Waste Management in the occupied Palestinian Territory, West Bank including East Jerusalem & Gaza, Overview Report, September 2019, p.31.