في ظل سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على إنتاج الطاقة في فلسطين "إستقلال الطاقة أولا"

وقت القراءة: %count دقائق

بشار حميض - الدوحة

في ظل سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على إنتاج الطاقة في فلسطين "إستقلال الطاقة أولا"

January 27, 2013

لا توجد حرية بدون بنية تحتية تدعمها، هذه هي النتيجة التي تصل إليها عندما يحدثك الخبير الفلسطيني الدكتور رياض الهودلي عن وضع الطاقة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. مهندسو معاهدة أوسلو كانوا رفعوا شعار "غزة أريحا أولا"  لكن هذا المشروع لم يؤدي إلى الاستقلال المنشود في ظل الاستيطان المستمر ولكن أيضا في ظل إهمال المسؤولين الفلسطينيين لموضوع استقلال الطاقة لسنوات طويلة. على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في الدوحة  التقينا الدكتور رياض  المدير التنفيذي للجمعية الفلسطينية للطاقة الشمسية والمستدامة وحدثنا عن رؤية الجمعية لموضوع الطاقة في فلسطين

بشار حميض - الدوحة

هل لك أن تصف لنا وضع الأراضي المحتلة عام 1967 من حيث الطاقة الكهربائية اليوم؟

يسيطر الاحتلال الإسرائيلي اليوم على 98 بالمئة من إنتاج الطاقة الكهربائية في الضفة الغربية من خلال "شركة الكهرباء الإسرائيلية" التي تم تأسيسها في عام 1923. سابقا كانت في الضفة الغربية شركات فلسطينية لإنتاج الكهرباء ولكن تم اغلاقها جميعاً وذلك بسبب سياسات الاحتلال المستمرة. في المقابل تم ربط المدن والقرى الفلسطينية بشكل ممنهج بشبكة الكهرباء الإسرائيلية. من الناحية العملية فإن شبكة الكهرباء التي تزود المدن الفلسطينية هي شبكة ضمن الشبكة الإسرائيلية، بالتالي نحن ما زلنا تحت التبعية الإسرائيلية كما لم تعط اتفاقية أوسلو ومن بعدها ملاحق باريس الفلسطينيين صلاحيات إنتاج الكهرباء.

كفلسطينين لدينا تاريخ في مجال الاكتفاء الذاتي خصوصا في فترة الانتفاضة الأولى.. لماذا لم تحصل هناك محاولات لإنتاج الطاقة المتجددة على مستوى محلي في القرى والأحياء؟

المشكلة أن أي محطة لإنتاج الكهرباء يجب أن تحصل على ترخيص من الجانب الإسرائيلي وهو أمر حاولنا الحصول عليه لكننا لم نستطع حتى الآن رغم مرور سنتين على تقديمنا للطلب. ورغم أن السلطة الفلسطينية تستطيع إعطاء ترخيص لإنشاء محطات طاقة داخل المدن الفلسطينية، إلا أن ذلك يصطدم بواقع غلاء الأراضي داخل المدن وعدم توفر مساحات كافية، بالإضافة إلى أن ضعف الإرادة السياسية لدى السياسيين الفلسطينيين في السنوات الأخيرة ساهمت في عدم تحقق مشاريع من هذا النوع على الأرض. لكن مؤخرا صدر قانون فلسطيني جديد للطاقة المتجددة يشكل خطوة مهمة إلى الأمام.  كذلك فإن انخفاض كلفة إنتاج الطاقة الشمسية في الفترة الأخيرة يشكل مدعاة للتفاؤل، خصوصا أن كلفة إنتاج الطاقة الشمسية أصبحت منافسة لإنتاج الطاقة بالطرق التقليدية. لكن موضوع عدم سيطرة السلطة الفلسطينية على المساحات خارج المدن الفلسطينية يبقى عائقا أمام مشاريع الطاقة المتجددة، وهو أمر يتطلب إجبار الجانب الإسرائيلي على القبول بذلك أو تحقيق استقلال وطني حقيقي.

لكن ماذا بالنسبة لأسطح المنازل.. ألا تشكل هذه مساحات كافية لإنتاج الطاقة الشمسية؟

بصراحة كان هناك تقصير من قبل سلطة الطاقة الفلسطينية في هذا المجال. وقد وعد المسؤولون تنفيذ مبادرة تعتمد على تقديم تعرفة تحفيزية للمواطنين الراغبين في إنتاج الطاقة على أسطح منازلهم وبيعها من خلال شبكة الكهرباء القائمة. وبالفعل وافقت سلطة الطاقة مؤخرا على ذلك وبسعر أعلى من السعر الذي تباع فيه الكهرباء للمواطنين. كما أن هناك تعهدا بتوفير قروض ميسرة للسكان لتشجيعهم على تركيب اللوحات الكهروضوية على أسطح المنازل. ووافقت السلطة الفلسطينية مبدئيا على مشروع لـ  1000 بيت موزعة على مدن الضفة الغربية. لكننا في الجمعية نعتقد أن هذا الطموح غير كاف وأنه من الممكن التقدم بسرعة أكبر في هذا المجال. ولا ننسى هنا أن المدن الفلسطينية تحتل المرتبة الأولى عالميا في استخدام السخانات الشمسية لتسخين المياه، وهو قطاع  يوفر كثير من فرص العمل، ونحن نرى أن الشيئ نفسه يمكن أن يحصل في مجال الألواح الكهروضوية المنتجة للكهرباء.

هل ترى أن وضعنا  السياسي سيتأثر إيجابا  في حال طورنا البنية التحتية للطاقة في المدن الفلسطينية؟

إننا نتحدث اليوم عن إعلان استقلال فلسطين والاعتراف بها كدولة. وأول شيء يجب يركز عليه الفلسطينيون هو استقلال الطاقة والانفصال عن الجانب الإسرائيلي. وهذا لن يتم طالما هناك سيطرة إسرائيلية على الحدود. إسرائيل لا تزال تؤكد  أنه حتى لو تم الاعتراف بالدولة الفلسطينية  فانهم سيستمرون بالسيطرة على الحدود. ولا أعرف بصراحة إلى أين نحن سائرون في هذا المجال. لكن ما أعرفه هو أن استقلال الطاقة يتطلب الاعتماد على مصادر لا يتم استيرادها عبر الحدود، وأعني هنا الغاز أو البترول. وبالتالي فإن الخيار الأساسي يجب أن يكون الطاقة المتجددة بأنواعها المختلفة.