مؤتمر المناخ الأممي في مراكش: غياب الاتفاق حول الخطوات الجوهرية للمستقبل ومحاولة بعض الحكومات الغربية خداع البلدان الفقيرة

وقت القراءة: %count دقيقة

جورج كرزم / مراكش

خلال الفترة الممتدة بين السابع والثامن عشر من تشرين ثاني حضر مؤتمر المناخ العالمي في مدينة مراكش المغربية أكثر من عشرين ألف مشارك من نحو 200 دولة يمثلون وفود حكوماتهم التي وقعت على اتفاقية باريس لمواجهة التغير المناخي (في كانون أول 2015)، إضافة لناشطين من المجتمع المدني ومنظمات غير حكومية ونقابات ومنظمات قاعدية.  وهدف المؤتمر البحث في آليات تطبيق الاتفاقية التي تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية وتقليل اعتماد الاقتصاد العالمي على الفحم والنفط والغاز (الوقود الأحفوري) ابتداء من النصف الثاني من القرن الحالي، وذلك لمنع تجاوز الاحترار العالمي بأكثر من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية.

وقد التئم مؤتمر مراكش في وقت أجمع فيه علماء المناخ على أن سنة 2016 ستكون الأكثر سخونة في التاريخ، منذ بدء التوثيق المناخي؛ إذ ضربت هذه السنة رقما قياسيا جديدا متجاوزة الرقم القياسي السابق لعام 2015؛ بل إن منظمة الأرصاد العالمية قدرت بأن متوسط درجة الحرارة على سطح الكرة الأرضية، خلال العام الحالي، كان أعلى بـِ 1.2 درجة مئوية، قياسا بالحقبة ما قبل الصناعية.

وكما هو معروف، التزمت أطراف الاتفاقية بالتوصل إلى الذروة في الانبعاثات الكربونبة خلال أقرب فترة زمنية ممكنة (ظلت هذه المسألة في الاتفاقية غامضة)، ليصار لاحقا، في النصف الثاني من القرن الحالي، إلى تحقيق التوازن المطلوب بين الانبعاثات والتعويض عنها.  

مجمل النشاطات والتحركات في مؤتمر مراكش صبت في اتجاه كيفية العمل على تحويل الوعود الكثيرة التي وردت في اتفاقية باريس إلى إجراءات فعلية على الأرض، وذلك من خلال بلورة "خارطة طريق" للاتفاقية التي يشوبها الغموض والالتباس في بعض بنودها.  وإجمالا، كان سير أعمال المؤتمر بطيئا وإجرائيا، حيث لم تتفق مختلف الأطراف حول أي من الخطوات الجوهرية للمستقبل.   

وبحسب مراجعة وردت في التقرير السنوي للبيئة الصادر عن الأمم المتحدة عشية انعقاد مؤتمر مراكش حول تعهدات الدول الحالية بخفض الانبعاثات، تبين بأن هذه التعهدات غير كافية وغير فعالة؛ إذ من المتوقع أن تصل الانبعاثات السنوية في عام 2030 إلى نحو 56 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أي أكثر بحوالي 14 مليار طن، أو أكبر بنحو 33% من المستوى المطلوب للحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض بأقل من درجتين مئويتين كما ورد في اتفاقية باريس.  وبهدف منع تجاوز الاحترار العالمي الدرجتين مئويتين، يجب وقف زيادة الانبعاثات ثم خفضها بنسبة تتراوح بين 40 الى 70% خلال الفترة 2010 و2050.

ولتحقيق الأهداف الأكثر طموحا، من حيث مستوى الاحترار العالمي (درجة ونصف مئوية بدلا من درجتين) ومن حيث مدى خفض الانبعاثات، يفترض بالدول التي وقعت على اتفاقية تغير المناخ أن تعلن عام 2020، عن التزاماتها الجديدة  لتقليل الانبعاثات بحلول منتصف القرن الحالي.

يشار هنا إلى أن 110 دول من اصل 192 وقعت على اتفاقية باريس، تبنت محليا في بلدانها الاتفاقية رسميا لدى انعقاد مؤتمر مراكش.

من الناحية المبدئية، تعتبر اتفاقية باريس سارية المفعول، لأن الشرط الوارد فيها حول سريانها، وهو تحديدا مصادقة 55 دولة تمثل 55% على الأقل من الانبعاثات الغازية المسببة للاحترار العالمي، قد تحقق خلال فترة أقصر من المتوقع.

خلافات حادة حول التمويل

شكل تمويل تطبيق الإجراءات الخاصة بمكافحة التغير المناخي أبرز المسائل على جدول أعمال المؤتمر.  كما وخلال الجلسات الرئيسية العامة التي شارك فيها المسؤولون الحكوميون، وأيضا خلال الجلسات التي جرت على هامش المؤتمر، نوقشت قواعد الشفافية بين الدول وكيفية تعريفها، إضافة إلى الاستثمار الكبير في الدول النامية وحصولها على المساعدات التقنية والدعم المالي والتكنولوجي وضرورة زيادة هذا الدعم، بهدف إنجاح المرحلة الانتقالية وتمكين دول الجنوب من بلورة توجهات تنموية "نظيفة" ترتكز على الطاقة المتجددة والتقنيات الزراعية الإيكولوجية قليلة الانبعاثات، ووسائل النقل والبنى التحتية النظيفة، والإسكان والصناعة  قليلة الاستهلاك للطاقة، وغير ذلك من القضايا المناخية الأساسية.  يضاف إلى ذلك ضرورة  وقف دعم مصادر الطاقة الاحفورية وفرض رسوم على الانبعاثات الكربونية.

وبالرغم من تأكيد اتفاقية باريس أنّ مسؤولية مواجهة تغيّر المناخ هي مسؤولية جماعية بين الدول، إلا أن هذه المسؤولية تتفاوت وفقا لقدرات كل دولة.  كما تأخذ الاتفاقية في الاعتبار مستوى التنمية في البلدان الضعيفة وتلك الأكثر فقرا وبالتالي احتياجاتها الخاصة.  لذا، يفترض بالبلدان الصناعية تسهيل عملية نقل التكنولوجيا إلى البلدان النامية والأكثر فقرا ومساعدتها على التكيّف مع الاقتصاد الخالي من الانبعاثات الكربونية؛ وذلك بالإضافة إلى التزاماتها الماليّة.

والمثير أن الدول النامية إجمالا، كل بحسب قدراتها، آخذة في الاقتراب من مساهماتها والتزاماتها المطلوبة ضمن المسؤوليات المشتركة العالمية، أكثر بكثير من الدول الصناعية المتقدمة.

دول الجنوب تطالب بالحصول على المساعدات لتحصين نفسها ضد التغيرات المناخية المتطرفة، ولتعزيز إجراءاتها من أجل التكيف، مثل زيادة مستوى ارتفاع المساكن وإنشاء السدود وتوفير المساعدات للري واختيار البذور ونظام انذار مبكر للأرصاد الجوية وغير ذلك.  كما تطالب معظم دول الجنوب بأن يقتصر التزامها أساسا على التكيف مع التغيرات المناخية، بينما على الدول الصناعية تحديدا أن تبذل جهودا مكثفة لتخفيف وخفض انبعاثات غازات الدفيئة.

ورغم انقضاء أسبوعين من جلسات المفاوضات العامة والاجتماعات الوزارية والنشاطات والتحركات الكثيرة على هامش المؤتمر، والتي تمحورت بشكل أساسي حول تمويل مكافحة الاحترار- رغم ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق واضح، محدد ودقيق حول خارطة الطريق لتطبيق الاتفاقية، وبخاصة قواعد الشفافية.  وكما يبدو، فإن عام 2018 هو موعد التطبيق المرجح لاتفاقية باريس، وفقا لرغبة الدول الصناعية.  وتعني قواعد الشفافية تحديدا المعطيات والمعلومات التي يفترض أن توفرها الدول المختلفة بخصوص اجراءاتها للحد من الانبعاثات، فضلا عن آلية تنفيذ دول الشمال الغنية لالتزاماتها المالية.

كما برزت في مؤتمر مراكش نقاشات حول آليات التعامل مع ما يعرف بـ "الخسارة والضرر"، بما يعنيه ذلك من بلورة أطر سياساتية لمساعدة المجتمعات المتضررة (في دول الجنوب) من آثار التغيرات المناخية، بحيث تتحمل الدول المتقدمة مسؤوليتها الأخلاقية في توفير الدعم المالي  لتلك المجتمعات؛ علما أن نحو 200 مليون فرد مهددون بالتشرد والتهجير بسبب التدهور الكبير الحاصل في أراضيهم، كما أن عشرات الملايين الآخرين مهددون بالتحول إلى فقراء ومعدمين بسبب التهديد المباشر الذي قد يطال أرزاقهم.  وفي ضوء ذلك، يبقى التمويل المتاح للتعامل مع هذا الواقع ضئيلا وغير كاف. 

وحيث تشير التقديرات إلى أن التغيرات المناخية ستفاقم التشرد والتهجير، فقد تعالت أصوات مجموعات كثيرة من المجتمع المدني، أثناء انعقاد مؤتمر مراكش، مطالبة الحكومات للتعامل بشكل جدي مع الثغرات المتصلة بالحماية القانونية لـِ "مهجري المناخ".  ورغم ذلك، تم تأجيل العمل حول مسألة "الخسارة والضرر" لفترة السنتين القادمتين.  والسؤال المطروح هو من أين سيتم توفير تمويل هذه المسألة، وبخاصة أنها لم تناقش إطلاقا.       

وقد أعلنت الدول المعنية والمصارف متعددة الأطراف عن تخصيص 67 مليارا  من أصل 100 مليار دولار وعدت حكومات دول الشمال بدفعها سنويا للدول النامية حتى سنة 2020.  وبحسب الامم المتحدة يفترض تخصيص خمسة الى سبعة تريليون دولار سنويا لدعم الأنشطة "منخفضة الانبعاثات"، وبالتالي تعزيز التنمية "النظيفة".

وفي ذات السياق، جاءت الخلافات الحادة بين دول الشمال والجنوب حول التمويل، وذلك إثر إعلان بعض الدول المتقدمة (بريطانيا وأستراليا تحديدا) عن "خريطة طريق" حول ألـ 100 مليار دولار سنويا التي التزمت الدول المتقدمة بتوفيرها مع حلول عام 2020، وتضمنت تلك الخريطة تعريفا جديدا لتمويل المناخ.  الدول النامية والعديد من مجموعات المجتمع المدني انتقدت بشدة "خريطة الطريق" لأنها تتضمن "تعدادا مزدوجا" دَمَجَ أيضا تدفقات المساعدات التنموية والقروض القائمة حاليا في إطار التمويل المناخي، فضلا عن المبالغة في المدى الذي تستطيع فيه الأموال الحكومية أن تشكل دافعا للتمويل من قبل القطاع الخاص.  واستنادا إلى خدعهما الحسابية (بريطانيا وأستراليا)، فهما يزعمان بأن الدول الغنية اقتربت من تقديم 100 مليار دولار في إطار تمويل المناخ؛ لكن الحقيقة أن الخزائن لا تزال فارغة تقريبا.

المطلوب إذن تعريف أممي جديد وواضح لمفهوم تمويل المناخ، بحيث لا يشمل المساعدات التنموية الحالية.  كما أن "خريطة الطريق" الجديدة لا تتضمن أي أفق لزيادة التمويل من الدول المتقدمة ومؤسسات التمويل متعددة الأطراف بأكثر من تعهدات باريس.

من يحق له المشاركة في المفاوضات؟

برزت أثناء محادثات مراكش تحديات جوهرية جول كيفية رفع مستوى "الطموحات" في مرحلة ما قبل عام 2020، فضلا عن السؤال الأساسي:  من أين ستأتي الأموال وما هي آلية توزيعها؟  فضلا عن كيفية ضمان أن تتدفق ألـ 100 مليار دولار إلى الدول النامية لتستثمر في مشاريع منخفضة أو عديمة الانبعاثات، بحيث تساعد المجتمعات المحلية في مواجهة آثار التغير المناخي.

النقاشات الساخنة دارت حول تعريف واضح لتمويل المناخ، علما أن الدول النامية تطالب بمنح مالية وبوضع قواعد للمحاسبة، في حين تدفع الدول المتقدمة باتجاه التمويل عبر القروض ومن القطاع الخاص أساسا.

وقد ثارت من جديد مسألة من يحق له المشاركة في المفاوضات حول آلية تنفيذ اتفاقية باريس، وذلك إثر دعوة مجموعات من المجتمع المدني بإخراج المُلَوِّثِين الكبار من هذه المفاوضات، بسبب أن مشاركتهم تتضمن تضاربا في المصالح.

وفي المجال الزراعي، بالرغم من أن إجماعا مبدئيا حصل بين الدول المتقدمة والنامية، منذ ما قبل مؤتمر المناخ المنعقد بباريس، ومفاده أن التعامل مع الزراعة يكون في سياق "الأمن الغذائي"، أي حسب مفهوم التكيف؛ إلا أن الدول المتقدمة، وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي، كندا، نيوزلندا وأستراليا، كسرت هذا الإجماع خلال محادثات المناخ التي جرت في مدينة بون الألمانية في أيار الماضي، فطرحت بدلا من ذلك مبدأ التخفيف (خلافا للتكيف) وتحديدا في الزراعات الصناعية، بحيث يتم استعمال الأراضي الزراعية لتخزين الكربون.  وهذا يعني تبني حلولا خاطئة تماما لمشكلة التغير المناخي، مثل "حبس" كربون الطاقة الحيوية، والوقود الحيوي.  مثل هذه الحلول تتطلب مساحات شاسعة جدا من الأراضي، ما سيفاقم عمليات نهب الأراضي، وبالتالي تهديد "الأمن الغذائي". 

وقد لوحظ، أثناء المفاوضات حول الزراعة في مراكش، أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية تخليا عن تعهدهما وأحبطا أي تقدم حقيقي في المجال الزراعي المتصل بـِ "الأمن الغذائي" والتكيف الذي يمكن أن يشكل دعما حقيقيا لعدد كبير من المزارعين في العالم.

الالتزامات الحالية للدول المختلفة، سواء تلك المتصلة بالمساعدات الدولية أو بتقليص الانبعاثات، لن تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بما لا يتجاوز الدرجتين مئويتين، أو الدرجة والنصف (بحسب طموح اتفاقية باريس)، بل سيفوق مقدار الارتفاع الثلاث درجات مئوية، بالمقارنة مع مرحلة ما قبل الثورة الصناعية الأوروبية؛ ما يعني حدوث خلخلة مناخية مدمرة تتمثل في تفاقم موجات الحرارة المكثفة والطويلة والجفاف وارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات والفيضانات وغير ذلك. وفي المحصلة، قد تتحول مناطق كثيرة في العالم إلى أماكن غير صالحة للسكن، بما في ذلك مناطق واسعة في بلداننا العربية.

وقد تم أيضا في مؤتمر مراكش مناقشة الأبحاث العلمية التي تقول بأن أمامنا فترة زمنية قصيرة جدا، لا تتجاوز الثلاث سنوات، لتقليص الانبعاثات بشكل حاد ومكثف، بهدف زيادة فرص الحفاظ على مقدار الارتفاع في الاحترار العالمي دون ألـ 1.5 درجة مئوية.  وهذا يتطلب تقليصا جذريا للانبعاثات من المصدر، وتحديدا في دول الشمال الصناعية المتقدمة، بالتوازي مع التمويل الضخم من الأخيرة للدول النامية.  هذه المسألة لم تحسم بشكل واضح وقاطع.

الاتحاد الأوروبي واليابان تحديدا، نفذا عمليا التزامهما الضعيف أصلا بخصوص تقليص الانبعاثات المعلنة حتى عام 2020، لكنهما يرفضان عمل المزيد في المدى القصير.

لقد حاولت الدول المتقدمة، طيلة مفاوضات مراكش، أن تحصر مفاوضات 2018 (بحسب اتفاقية باريس) في نطاق جهود التخفيف فقط، وبالتالي استثناء التكيف وما يترتب عليه من التزامات مالية.  والجدير بالتنويه، أن الحكومات يفترض بها (حسب اتفاقية باريس) الالتزام بتقديم خططها في عام 2018، بحيث تتضمن كيفية تعاطيها مع بنود الاتفاقية؛ مثل تقليص الانبعاثات، التمويل، إجراءات التكيف وما إلى ذلك.  لذا، لا يجوز محاولة إعادة تفسير أو نسف الاتفاقية الموقعة في باريس. 

مساحة كبيرة للمناورة

إن مدى التقدم في تطبيق بنود اتفاقية باريس منوط في الواقع بالتحولات المستقبلية في النظام الاقتصادي العالمي.  فعلى سبيل المثال، أزمة اقتصادية حادة أو هبوط إضافي في أسعار النفط، أو صعود قوى سياسية إلى الحكم لا تؤمن أصلا بالتغيرات المناخية (كما في حال الرئيس الأميركي المنتخب الجديد دونالد ترامب الذي ينوي الخروج من اتفاقية باريس)- كل ذلك قد يغير منظومة صنع القرار في بعض البلدان فيما يتعلق بالتزاماتها تجاه اتفاقية باريس.  واللافت أن الاتفاقية لا تفرض على أي دولة، وبخاصة الدول الغربية الصناعية، سقفا كميا لتقليل انبعاث غازات الدفيئة، بل تركت تحديد السقف بشكل طوعي لكل دولة بشكل منفرد؛ الأمر الذي جعل التزامات الدول الرأسمالية الصناعية التي أوصلتنا إلى حافة الخطر الوجودي غير كاف وضعيف نسبيا. 

المعضلة البنيوية الكامنة في اتفاقية باريس أنها تمنح الدول الغربية الرأسمالية مساحة كبيرة للمناورة، بحيث تستطيع من خلالها ملاءمة أهداف انبعاثاتها لاحتياجاتها ومصالحها الخاصة؛ علما أن نص الاتفاقية لم يحمّل الدول الصناعية الغربية المسئولية الأساسية في الانبعاثات، وبالتالي لم يلزمها بتخفيض الانبعاثات بنسب كمية كبيرة واضحة تنسجم مع الحقائق العلمية. 

للأسف، لم يساهم مؤتمر مراكش في بلورة تعهد غربي لكسر احتكار المعرفة العلمية والتقنية الخاصة بإنتاج السلع البيئية، وبالتالي التعهد الملزم قانونيا بتقديم المعلومات عن التكنولوجيا النظيفة؛ وبالتالي تحقيق الحد الأدنى من العدالة والمساواة في حرية الوصول إلى الطاقات المتجددة، من خلال مشاريع مجدية إيكولوجيا ومستدامة اقتصاديا وبيئيا على الأرض.

البيان الختامي المشترك لرؤساء وحكومات الدول المجتمعة في مؤتمر مراكش والذي تلاه سفير المغرب المكلف بالمفاوضات متعددة الأطراف، عزيز مكوار- هذا البيان جاء فضفاضا؛ الأمر الذي يؤكد ما ذهبنا إليه سابقا من عدم الحسم في المسائل الجوهرية الواردة في اتفاقية باريس؛ إذ ورد في البيان بأن "درجة حرارة المناخ آخذة في الارتفاع بوتيرة مقلقة وغير مسبوقة، الأمر الذي يفرض على الأطراف اتخاذ تدابير آنية لمواجهة التحديات".  وفيما يتصل بالأمن الغذائي والزراعة دعا البيان بشكل عمومي ومكرر الى "تعزيز الجهود للقضاء على الفقر وضمان الأمن الغذائي واتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة التحديات التي يطرحها التغير المناخي على الزراعة".  كما وردت في البيان تعابير عامة غير محددة وغير ملزمة، مثل الدعوة إلى "تضامن أكبر مع الدول الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي".

وبخصوص مسألة التمويل "جددت الدول المتقدمة الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ،     تأكيدها على هدف تعبئة 100 مليار دولار"، وذلك دون تحديد مصادر هذه الأموال وآلية تجنيدها.  ونوهت الدول المتقدمة أيضا إلى نيتها "رفع حجم المخصصات لتمويل المشاريع المتعلقة بالمناخ ونقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة الى تلك النامية".  كذلك الأمر فيما يتعلق بخفض الانبعاثات والتكيف، إذ جاء بأنه من الضروري المضي قدما نحو خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتعزيز جهود التكيف". 

وبدلا من محاولات إخفاء فشلها، يفترض بالدول الغنية أن تقدم دعما حقيقيا للدول الفقيرة، وليس "منحا وإكراميات"، لتمكين الأخيرة من مواجهة الآثار الرهيبة الناجمة عن التغير المناخي، وتطوير اقتصادياتها بحيث تصبح قليلة  الانبعاثات.  إنه لأمر معيب أن تحاول بعض الحكومات الغربية خداع البلدان الفقيرة بهذه الطريقة. 

 

"الآراء الواردة هنا تعبر عن رأي الكاتب، وبالتالي لا تعكس بالضرورة وجهة نظر المؤسسة"