يُعتبر حسن عودة آخر بُناة المناطير في فلسطين حسب قول الفنّان سليمان منصور الذي عاصر المناطير في طفولته ورسمها في العديد من لوحاته التشكيليّة منذ الثمانينات.
والمناطير، أو القصور الزراعيّة، هي من أنماط العمارة التقليديّة المهدّدة بالاندثار. كانت المناطير تُبنى في الأراضي الزراعيّة كبيوت صيفيّة يتمّ استخدامها من قبل المزارعين/ات فيما يسمّى بأشهر» التعزيب «، وهو وقت حصاد المحاصيل الزراعيّة، من العنب والتين لتجفيفها وعمل الزبيب والقطّين، بالإضافة إلى تخزين محاصيل القمح والشعير فيها.
يتمّ بناء المناطير من حجارة الأرض المتوفّرة من البيئة المحيطة، وتعتمد على حرفيّة الباني في بنائها بشكل متماسك وقويّ بحيث لا تحتاج إلى إسمنت أو موادّ مدعّمة.
بدأت قصّة حسن مع المناطير منذ الثمانينات عند ترميم منطار مع والده في بلدة عارورة شمال رام الله. ومنذ ذلك الحين وهو مهتمّ بترميم وبناء العمارة التقليديّة، حيث يتخصّص بترميم وبناء المباني الحجريّة حسب أنماط العمارة القديمة الرومانيّة والإساميّة. وكانت سعادة حسن عارمة حين تمّ التواصل معه هذا العام لبناء منطار في حديقة المتحف الفلسطينيّ في بلدة بيرزيت، ضمن رؤية الفنّان الفلسطينيّ سليمان منصور لعمل نموذج حيّ للمناطير بعد التوقّف عن بنائها واستخدامها من قبل المزارعين/ات.
يتعدّى عمل حسن عودة ترميم المباني إلى تبنّيه أسلوب حياة متناغم مع الطبيعة والمواسم في فلسطين. برأيه، هو الآن يعيش طريقة حياة الفلسطينيّ قديمًا، متحرًّرا من الوظائف، ومعتمدًا على خيرات الباد، محقّقًا بذلك اكتفاءً ذاتيًّا على الصعيد الشخصيّ، حيث يعتمد في دخله على مواسم اللوز والزيتون، والحراثة وبناء السناسل، بالإضافة إلى قطف الزعتر البرّيّ وبيعه للمطاحن. وفي موسم الشتاء يعمل في مناشير الحجر، ومع بداية الصيف، يقوم باستصلاح الأراضي وإعمارها وترميم الأبنيّة. يقوم حسن أيضًا ببناء الطوابين بالطريقة التقليديّة والحديثة، كما يقوم بتربيّة المواشي.
حسن عودة، نموذج للاكتفاء الذاتيّ والعيش بتناغم مع الأرض، وهو من آخر بُناة المناطير في فلسطين!