صناعة الحِلس والخُرج

خيارات واعية

 

 

صناعة الحِلس والخُرج

   ترتبط الحرف التقليديّة ارتباطًا وثيقًا بطبيعة الحياة واحتياجات المجتمع في حينها، حيث تُعدّ مكمّلة لدائرة الإنتاج في المنطقة. وحيث إنّ المجتمع الفلسطينيّ هو بالأساس مجتمع زراعيّ فإنّ الحرف التقليديّة تطوّرت بما يتلاءم واحتياجاته.

   من ضمن هذه الحرف هي صناعة الحلس والخرج، والحِلس هو ما يوضع على ظهر الدابّة لتثبيت الخرج عليه. والخرج هو الوعاء أو الكيس الذي يوضع على الحلس لوضع الأمتعة والمحاصيل الزراعيّة، حيث كان يُستخدم لنقل المياه من الينابيع، بالإضافة إلى نقل مسلتزمات الزراعة والمحاصيل.

   تعتبر صناعة الحلس والخرج من الحرف التقليديّة القديمة الآيلة للاندثار في وقتنا الحاليّ. أبو عايد من القلّة القليلة التي ما زالت تحافظ عليها مع تعاقب الأجيال. أحبّ صنعها منذ نعومة أظافره بمرافقته لخاله الذي كان يتقن هذه الحرفة ومراقبته له، حيث كان يقوم أبو عايد عند عودته إلى المنزل بمحاولات صنعها، حتّى أتقنها.

   ويقول أبو عايد إنّ الدخل منها كان يكفي مصروف البيت. كان يبيع بمعدّل 70 إلى 80 حلسًا في السنة، تصل إلى مناطق مختلفة مثل دير دبوان والجيب ونابلس والفندقوميّة وأريحا وغيرها، والآن تراجع الطلب عليها في السنوات الخمس الأخيرة إلى 10 في السنة. كما تراجع الطلب على الخرج، وذلك بنظر أبو عايد يعود إلى تضاؤل عدد المنتِجين وعدم انتقال الحرفة لجيل الشباب، بالإضافة إلى التغيّرات التي طرأت مع تراجع استعمال الدوابّ في الزراعة والنقل، ومع استخدام السيّارات المشطوبة لنقل المحاصيل وتمديد خطوط المياه.

   مع ذلك، فإنّ الحفاظ على هذه الحرفة هامّ كونه ما زال يخدم المزارعين/ات في مناطق وعرة يصعب الوصول إليها خصوصًا في مواسم الحصاد مثل موسم الزيتون. وما زال هناك طلب عليها من مختلف المناطق، لكن مع تضاؤل عدد الممارسين لهذه الحرفة أصبح من الصعب الوصول إليهم. يفتخر أبو عايد بتميّزه في عمل الحلس والخرج. برأيه، هذا العمل يتطلّب مهارة وإتقاًنا، حيث يتمّ عمل الحلس بتصميم وتفصيل الوعاء من أكياس الخيش، وحشوه بالقشّ المتوفّر من زراعة القمح، وتثبيته بخيوط البلاستيك والحبال والسفايف )القشاطات(. أمّا الخرج، فيتمّ تفصيله وخياطته من أكياس الخيش.

   يقوم أبو عايد أيضًا بصناعة الحدوات للدواب )الخيل والحمير والبغال( من الصاجّ، وتركيبها. ما يميّزها عن الحدوات الإفرنجيّة هو ملاءمتها للطرق الوعرة. كما يقوم بعمل القلايد العربيّة الأصيلة، والكردانة والتي انقرض استخدامها حاليًّا لأغراض الحراثة.

   إضافة إلى ما سبق، يحترف أبو عايد عمل السناسل الحجريّة، وهي أيضًا من الحرف التي قلّ عدد ممارسيها بالرغم من أهمّيّتها في الزراعة وحضورها المميّز في المشهد الطبيعيّ لجبال فلسطين. وكهواية، يقوم أبو عايد بتزيين الخيل لمناسبات الأعراس والزفّات في البلدة، وهي عادة جميلة تنمّ عن حبّه للخيل وعطائه للبلدة وفنّه.

____________________________________________________

أماكن بيع المنتَج: حسب الطلب، وفي البيت.