المزرعة الإنسانيّة

خيارات واعية

فيسبوك: The Humanistic Farm

المزرعة الإنسانيّة

المزرعة الإنسانيّة من المزارع التي شاركتنا برواية قصّتها بلغتها، حيث يصف السيد سعد داغر بداياته مع الزراعة البيئيّة وكيف أدخل المفهوم والتطبيق في فلسطين:

مع بداية التعرّف على الزراعة البيئيّة وإنشاء أوّل مزرعة بيئيّة في فلسطين بطريقة المساطب الزراعيّة المرتفعة سنة 2002، بدأتُ بالتدريب والترويج للزراعة البيئيّة، حيث تعرّفت على المصطلح سنة  2003. كان التدريب للمزارعين والنساء يتمّ في حقولهم/نّ، وكانت هناك محاولة لإقناع الناس بهذا النهج الزراعيّ. لم تكن عمليّة الإقناع سهلة.

في سنة 2005، وخلال تقديم التدريب لمزارعين في منطقة جنين ومحاولة إقناعهم بالتوقّف عن استخدام السموم الكيماويّة، أعرب المزارعون عن حاجتهم إلى المزيد من "الإنسانيّة" في الزراعة، فبرز مفهوم الزراعة الإنسانيّة، وتمّ بعد سنوات إنشاء "المزرعة الإنسانيّة"، لتجسيد الفكرة.

بدايات إنشاء المزرعة كانت في سنة 2010، حيث كانت المحاولة الأولى في القسم الثاني من المزرعة، أي قسم الزيتون والأشجار المثمرة. ومع سنة2014 ، بدأ استعمال القسم الأوّل من المزرعة الإنسانيّة، وهو قسم الخضار، بعد تأهيله وإعادة بناء السناسل والجدران الحجريّة فيه. تبلغ مساحة قسم الخضار من المزرعة الإنسانيّة دونمين، وقسم الزيتون عشرة دونمات.

الزراعة المتّبعة في المزرعة هي زراعة موسميّة )بمعنى زراعة المحاصيل الملائمة للموسم(، لكنّها زراعة متواصلة، حيث لا يمرّ يوم في السنة دون وجود إنتاج زراعيّ، ذلك أن الاعتماد في الإنتاج والعناية بالأرض قائمان على نهج الزراعة البيئيّة. ويتمّ في المزرعة إنتاج الخضار البيئيّة المختلفة حسب الموسم. ففي مواسم الصيف والخريف، تتوفّر منتجات مثل الفلفل، البندورة، الخيار، الكوسا، الفاصوليا، اللوبيا، الباذنجان، الفرفحينة (البقلة(، الملوخيّة، والريحان. وسيكون المنتَج القادم الإضافيّ هو توت العلّيق. وفي الشتاء حتّى بداية الربيع، تتوفّر منتَجات مثل الخسّ، الملفوف بأصنافه، الزهرة، السبانخ، البصل الأخضر، الجرجير، الكزبرة، الكرفس، البطاطا، الشبث، الهندباء، والفجل، إضافة إلى الهليون ، الرمّان والجوز. هذا في قسم الخضار. القسم الثاني من المزرعة هو مزرعة الزيتون، ويتوفّر منه إنتاج الزيتون الأخضر، الزيت، الزعتر الأخضر والجافّ، والمريمية. وتجري الآن زراعة التين والعنب والتفّاح السكّريّ وبعض اللوزيّات.

من جهة أخرى، بدأت المزرعة بإنتاج البذور المحلّيّة والبلديّة لبعضالمحاصيل، وذلك بهدف إغاق دائرة الإنتاج والاعتماد الكامل على الذات. من ضمن هذه البذور ستجد/ين اللوبيا، الخيار، الكوسا، الفقّوس، البندورة، الباذنجان، الفلفل، والفاصوليا.

تعتمد المزرعة في تسويق منتَجاتها على نظام البيع المباشر، في موقع المزرعة والقرية، ممّا يضمن سعرًا عادلً للمزارع/ة والمستهلك/ة على حدّ سواء. وكثيرًا ما يتمّ حجز المحصول من قِبل الأهالي قبل قطفه، لثقتهم بالمُزارع وجودة المنتَج وخلوّه من الكيماويّات.

تمثّل المزرعة نموذجًا في المنطقة يلهم الكثير من الناس. لقد ألهمت المزرعة الشباب والشابّات، حيث بدأ عدد جيّد من الناس بممارسة الزراعة البيئيّة، كنتيجة للإلهام الذي تقدّمه المزرعة الإنسانيّة. فهي تقدّم نموذجًا في الاعتماد على الذات في إنتاج الغذاء، بمدخات إنتاج محلّيّة. لذا فهي تلعب دوًرا هامًّا في المنطقة وفي فلسطين، من حيث إدخال أساليب مبتكرة في الإنتاج الزراعيّ البيئيّ والاستفادة من كلّ متر مربّع لإنتاج الغذاء. إضافة إلى ذلك، هناك الدور الهامّ في التنسيق بين المزارعين/ات في المنطقة لتبادل الأفكار والخبرات والبذور، وتقديم نموذج عمليّ للاستفادة من مياه الينابيع الضائعة في معظم الحالات، خصوصًا في القرية نفسها والقرى المحيطة، حيث يوجد في القرية نحو عشرين نبعًا. كلّ ما تقدّمه المزرعة يهدف إلى تقديم نموذج متكامل في السيادة الغذائيّة.

ما يميّز المزرعة أيضًا هو موقعها. فهي تقع على قطعة أرض بين نبعين للمياه الطبيعيّة، وهي في منطقة بيئيّة مميّزة وخلّبة جاذبة للسياحة. فمن خلال المزرعة، يتمّ تنظيم جولات تعليميّة وسياحة بيئيّة، حيث توجد عدّة مسارات في المنطقة المحيطة بالمزرعة، إضافة إلى الأماكن التاريخيّة والبلدة القديمة والينابيع.

المكان أيضًا مهيّأ لاستضافة مجموعات ومؤسّسات لعقد ورش عمل خارج المكاتب. ويجري حاليًّا تطوير المزرعة لتصبح مكاًنا ملائمًا للتخييم وتنظيم مخيّمات صيفيّة وشتويّة تعليميّة. وكذلك دورات تدريب على الزراعة البيئيّة، الزراعة البعليّة، حصاد المياه والأمطار، استعادة الطبيعة، الزراعة الطبيعيّة بطريقة ماسانوبو فوكووكا، إنتاج البذور البلديّة، العناية الشاملة بحقول الزيتون، وتربية النحل.