بعد مرور سنوات من العمل، خطوة إلى الأمام على صعيد حقوق الحضانة للأمهات في قطاع غزة

CWLRCP 2020

نجح مركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة بعد جهود حثيثة ومتواصلة على مدار سنوات عدة من الحصول على موافقة وتأييد المجلس الأعلى للقضاء الشرعي بغزة لمطالب المركز التي تضمنتها المذكرة القانونية بعنوان "نعم أمي مطلقة وأريد البقاء في رعايتها حتى 18 عام"، والتي تم رفعها لمجلس القضاء الأعلى المجلس التشريعي وذلك لمساعدة الأمهات المطلقات والمعلقات على احتضان أولادهن وبناتهن حتى سن 18 سنة، لضمان المصلحة الفضلى للأطفال، وذلك أسوة بالأمهات الأرامل واللواتي نجح المركز بالحصول لهن على إقرار حضانتهن الدائمة للبنات والأولاد دون التقيد بالسن في حملته لرفع سن حضانة الأولاد في عام 2009.

وكان المركز منذ بداية آذار مارس 2020 بدأ بتنفيذ مشروع ( تفعيل ملتقى نساء إلى الأمام) بتمويل من مؤسسة هينرش بل الألمانية - مكتب فلسطين والأردن، وفي إطار أنشطة المشروع قام المركز بتنفيذ حملة رفع سن الحضانة للأم المطلقة، وذلك من خلال مجموعة من الأنشطة الإعلامية واللقاءات العديدة التي ضمت المؤسسات النسوية والحقوقية والمحامين/ات، والتي كان آخرها لقاء عبر زووم نُفذ خلال شهر يونيو 2020 تم التأكيد خلاله بالإجماع على أهمية رفع سن حضانة الأم المطلقة لأطفالها حتى 15 عاماً لكلا الجنسين، ويجوز للقاضي تمديد الحضانة حتى سن 18 عاماً، أسوةً بقانون الأحوال الشخصية الأردني لسنة 2010 في  المادة (173) والتي تنص على "استمرار حضانة الأم إلى أن يتم المحضون خمسة عشرة سنة من عمره، ولغير الأم إلى أن يتم المحضون عشر سنوات، كما يعطى حق الاختيار للمحضون بعد بلوغه السن المحدودة في البقاء في كنف الأم الحاضنة حتى بلوغ المحضون سن الرشد".

وفي نفس الاتجاه بدأ المركز العمل مع المجلس التشريعي باعتباره المشرع الوحيد للقوانين وتم عقد عدد من اللقاءات مع أعضاء المجلس التشريعي لعرض الوثيقة القانونية عليهم ومناقشتهم فيها للضغط عليهم في الإسراع بإقرار رفع حضانة الأطفال لأم المطلقة، بالإضافة إلى العديد من الاتصالات والمراسلات التي أكدوا خلالها على أن "المجلس التشريعي مهتم بقضية رفع سن الحضانة، ووعدوا بإقراره خلال نهاية العام الجاري."

هذا وقد أكدت الأستاذة زينب الغنيمي مديرة المركز على أهمية ما تم تحقيقه من إنجاز يتعلق بالموافقة والتأييد لرفع سن حضانة الأطفال، خاصة وأن قضية سن الحضانة في القوانين وما يتعلّق بها شأنها شأن باقي الموضوعات المتعلقة بقضايا الأسرة، تقوم على أساس التمييز الواضح ما بين الرجل والمرأة، حيث أن هذه القوانين جاءت في سياق تاريخي واقتصادي واجتماعي منذ عقود طويلة، وفي إطار المضمون الذكوري والذي ينظر للمرأة بدونية بسبب جنسها وباعتبارها تابعة للرجل، وفي الحضانة يُنظر لها باعتبارها مجرّد خادمة للصغار حتى يبلغوا السن الذي يستطيعون فيه خدمة أنفسهم/ن ممّا وضع سلة الحقوق الخاصة بها في الدرجة الأدنى من حقوق الرجل، وأن قوانين الأحوال الشخصية الموروثة في فلسطين والتي نظمت موضوع الحضانة في قطاع غزة مختلفة عن القانون السائد في الضفة الغربية.

 حيث نص قانون حقوق العائلة على حضانة الأولاد في المادة (118) على أنه: "للقاضي أن يأذن بحضانة النساء للصغير بعد سبع سنوات إلى تسع وللصغيرة بعد تسع إلى إحدى عشرة سنة إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك"، ويستند هذا القانون على ما جاء في قانون الأحوال الشخصية حيث نصت المادة " 391 ": " تنتهي مدة الحضانة باستغناء الغلام عن خدمة النساء وذلك إذا بلغ سبع سنين وتنتهي مدة حضانة الصبية ببلوغها تسع سنين وللأب حينئذ أخذهما من الحاضنة.....الخ".

أما قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 1976 فقد فرّق في انتهاء الحضانة في حالة كون الحاضنة غير الأم وفي حالة كون الحاضنة الأم، حيث نصت المادة 161 على :" تنتهي حضانة غير الأم من النساء للصغير إذا أتم التاسعة وللصغيرة إذا أتمت الحادية عشرة"، أما المادة (162) من نفس القانون فقد نصت على "تمتد حضانة الأم التي حبست نفسها على تربية وحضانة أولادها إلى بلوغهم"؛ ولكن لم يحدّد القانون ما هو سن البلوغ، ولكن بالاستناد لتعريف سن البلوغ كما ورد في قانون الأحوال الشخصية نصت المادة (495) على أن "بلوغ الغلام بالاحتلام والإنزال والإحبال وبلوغ البنت بالحيض والحبل والاحتلام فإن لم تظهر هذه العلامات يحكم ببلوغهما إذا بلغا من السن خمسة عشرة سنة" .  

وقد تم في المذكرة التي رفعها المركز لجهات الاختصاص في القضاء الشرعي والمجلس التشريعي بغزة أنه يؤخذ على قوانين الأحوال الشخصية السارية ما يلي:

  إن كلا القانونين في قطاع غزة والضفة الغربية نظما موضوع الحضانة عند انتهاء العلاقة الزوجية من منطلق التمييز الواضح ضد المرأة وذلك:

1.    اعتبار أن وظيفة الأم هي الأعمال الخدمية أي أن تكون خادمة "لدى استغناء الصغير عن خدمة النساء"، وعليه حدّدت القوانين سقف سن الحضانة للأم.

2.    عدم الاعتبار للوظيفة التربوية للأم وقدرتها على تحمل المسؤولية في تنشئة الصغار.

3.    عدم الأخذ بالمصلحة الفضلى للطفل حتى يكون لدى الحاضن أو الحاضنة طيلة فترة طفولته وحتى الوصول للسن القانوني أو حتى سن البلوغ (15) سنة كما جاء في قانون الأحوال الشخصية.

4.    الاختلاف على تحديد السن بالنسبة للأم المطلقة التي حبست نفسها عن الزواج حيث حدد قانون حقوق العائلة سن انتهاء الحضانة بتحديد السن (9 للصبي و11 للصبية) بينما القانون الأردني ربطها بسن البلوغ دون تحديد السن.

5.    لم تعالج القوانين قيمة نفقة المحضون/ة ومسكن الصغير مما يترك المجال أمام السلطة التقديرية للقاضي من ناحية تقدير وضع الأب الاقتصادي، وبما يشكل من اعتداء على حقوق الأطفال المحضونين/ات، ويفتح المجال واسعاً أمام استخدام الأطفال في الصراع بين الأبوين المطلقين.

6.    يتم تطبيق قانون الأحوال الشخصية (المواد 380-394) بشأن أحقية الحضانة وتسلسلها في المحاكم الشرعية بقطاع غزة، نظرا لافتقاد قانون حقوق العائلة من هذه النصوص، حيث تنقل الحضانة في حال زواج الأم الى الجدة لأم وثم الجدة لأب وخالات الصغير وأخواته وعماته ..الخ.

7.    كما يتضمن القانون تمييزاً ضد المرأة لجهة عدم تمكنها من الوصاية على أولادها سواء كان الزواج قائما أو انحل بالطلاق أثناء فترة الحضانة، مما يمنعها من التصرف لجهة (عدم قدرتها على استصدار جواز سفر للصغير وعدم السماح له بالسفر معها إذا اقتضت الضرورة دون إذن الأب، أو الوصي الشرعي الجد أو العم في حالة عدم وجود الأب).

8.    وعلى المستوى التطبيقي فإن التمييز القائم ضد المرأة في المجتمع يتجاوز القانون حيث يجرى نزع حضانة الأولاد من أمهم وهم في سن الحضانة المكفول بالقانون وغالباً ما يلجأ الأهل لإجبار المرأة على التنازل عن حضانة أبنائها ونقلهم إلى الأب مباشرة في تجاوز لتسلسل حق الطفل بالرعاية من قبل النساء حسب القانون.

المقترح بشأن حضانة الأولاد:

أولاً: الحق بالحضانة:

(1)   إذا انتهت الحياة الزوجية بالطلاق تكون الحضانة للأم، ثم للأب.

(2)   تمتد الحضانة للأولاد والبنات حتى سن الأهلية القانونية (18) سنة، سواء كانت الحاضنة الأم أم الأب.

(3)    تُعطى الأولوية في الحضانة للأم وإذا تعذّر عليها الأمر ولم تتمكّن من ذلك لأسباب مبينة تنتقل الحضانة للأب.

(4)   الحضانة لغير أحد الوالدين:

أ‌.      إذا لم يكن أحد الأبوان هو الحاضن، يختار القاضي من يراه مناسباً من أقارب المحضون/ة.

ب‌.    إذا امتنع الحاضن/ة عن الحضانة لا يُجبر عليها.

ت‌.   يمكن لمن عهدت إليه الحضانة أن يسقط حقه فيها ويتولى القاضي تكليف غيره مراعاة لمصالح المحضون/ة.

(5)   زواج الحاضن/ة لا يسقط عنه/ا الحضانة ما لم يرى القاضي خلاف ذلك مراعاة لمصلحة المحضون/ة.

(6)   لا يجوز للحاضن/ة من الأبوين السفر بالمحضون/ة خارج البلاد إلا بموافقة الطرف غير الحاضن، وفي غير ذلك يبت القاضي مراعاة لمصلحة المحضون/ة.

ثانياً: المسكن والنفقة

1.     للأم الحاضنة الحق في مسكن مستقل مع المحضون/ة.

2.    نفقة المحضون/ة:

أ‌-     نفقة المحضون/ة من ماله/ا إن كان له/ا مال، وإلاّ فمن مال أبويه/ا.

ب‌- تقرر المحكمة مساهمة الزوج والزوجة في النفقة على المحضونين حسب قدرة ومال كل منهما، ويعتبر دور الحاضن/ة جزءاً من الإنفاق.

ت‌- يتكفل الطرف المقتدر بالإنفاق في حال إعسار الآخر على أن يحصله منه لاحقاً.

ث‌- تتكفل الدولة بالإنفاق على المحضونين في حالة إعسار الأبوين ويتم تحصيل المال لاحقاً.

ثالثاً: زيارة المحضون/ة

1.    يحق للأطفال المحضونين استضافتهم من قبل الطرف غير الحاضن (أحد الأبوين) بشكل دوري.

2.    وفق المصلحة الفضلى للمحضون/ة للقاضي السلطة التقديرية بتمديد مدة الاستضافة تصل (24) ساعة متتالية فأكثر.

3.    يعين القاضي مستحق الزيارة أو الاستضافة من الأقارب إذا كان المحضون/ة لدى غير أبويه.

رابعا : المقرح البديل بشأن سن الحضانة:

مع التأكيد على كل ما ورد أعلاه المقترح بشأن البند 2 من أولا:

(2) تمتد الحضانة للأولاد والبنات حتى (15)سنة، سواء كانت الحاضنة الأم أم الأب، ثم يتم تخيير المحضون/ة مع من يرغب/ترغي العيش من أحد والديه/ا.

 

*    الأسباب الموجبة للتعديل:

1.    إن هذه التعديلات انطلقت أيضا من رؤية المتغيرات الموضوعية لمستوى تطور واقع المرأة على كافة الصعد وأهمها الاعتراف القانوني على المستوى الدولي وفق كافة الاتفاقيات والعهود المتعلقة بحقوق الإنسان من ناحية، والقوانين والتشريعات الوطنية التي تم إنشائها في ظل السلطة الوطنية باعتبار المرأة شريك أساسي في بناء وتطوير الأسرة والمجتمع، مما يوجب أن يتم التغيير القانوني بما يسمح بتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة. 

2.    المصلحة الفضلى للصغير والصغيرة في أن يكونوا تحت كفالة ورعاية وتربية الطرف الأقدر على حضانتهم/ن ورعايتهم وهي الأم، وتكمن مصلحته/ا في أن يرعاه/ا ويربيه/ا الأم ثم الأب وأن يتشارك كلاهما في الرعاية والتربية.

3.     إذا طلق الزوج زوجته لا يجوز اخلاقيا أن ينتزع ابنها أو ابنتها منها ويفرق بينهما.إن التربية لا تعني فقط الخدمات المتعلقة بالمأكل والملبس والنظافة والتي يراها القائلون بتقليص سن الحضانة للنساء، حيث يقوم رأيهم على أفكار تراكمت في زمن لم تكن فيه وضع المرأة على النحو الذي عليه الآن متعلمة ومنتجة وقادرة على تصريف أمورها وأمور أبنائها.

4.    توحيد سن الحضانة للصغير والصغيرة حتى سن الأهلية القانونية (18) سنة، حيث أن القوانين السارية مبنية على التمييز حسب الجنس، وهذا يتعارض مع مصلحة الأسرة حيث يفرق بين الأخوة مما يرتب آثار سلبية على الحالة النفسية لهم، كذلك فإن مصلحة المحضون/ة تقتضي أن يكون/تكون حتى مرحلة النضج تحت رعاية وحضانة أمه/ا دون انقطاع إلا إذا لم تتمكن الأم من الحضانة فمصلحته/ا تقتضي أن يكون/تكون في حضانة الأب.

5.    حماية حق الأم المطلقة التي تكرس نفسها لرعاية وحضانة أبنائها ولا ترغب في الزواج وتتنازل عن حقها في المتعة الشخصية في سبيلهم؛ في حين أن الرجل في الغالب يكوّن أسرة جديدة بزواجه مجدداً، وقد تكون الزوجة الجديدة مبغضة أو مهملة، ومن هنا تكون للأم الأحقية أولاً في الحضانة.

6.    لحماية مصلحة المحضون/ة توجبت الاستضافة كي يشترك الأبوان في رعاية أولادهما رغم انتهاء العلاقة الزوجية، وأن تتم الاستضافة بالطرق السليمة والقانونية اعتباراً لمصلحة المحضون/ة وفق سلطة القاضي.

7.    إن المشاكل الناجمة عن النصوص الحالية فيما يتعلق ببند الإنفاق تجبر الغالبية من الأمهات على التنازل عن الحضانة لعدم قدرتهن على الإنفاق ونفقات السكن المستقل مما يضر بمصلحة المحضون/ة.

8.    لضمان مصلحة المحضون/ة وكي لا يكون/تكون مثار نزاع بين الوالدين بسبب الإنفاق، لذلك يتم تغطية نفقات المحضون/ة في حال إعسار الأب والأم من ميزانية صندوق مخصص لهذا الغرض (صندوق النفقة)، كما وأن تتشارك مع الأب الأم المقتدرة وصاحبة المال في نصيبها بالإنفاق على المحضون/ة، لأننا ننطلق من مصلحته/ا أولاً.