تقع المملكة الأردنية الهاشمية في قلب الشرق الأوسط وتجتذب إليها مئات الآلاف من العمال المهاجرين من الدول المجاورة وغيرها. وهذا على الرغم من القيود التي تضعها الحكومة الأردنية على قطاع العمل، إذ تصدر تصاريح عمل لقطاعات محددة فقط وهي: الزراعة والإنشاءات وصناعة الملابس والخدمة في المنازل. وتقسمت هذه القطاعات بشكل متباين على أساس النوع الاجتماعي والجنسية. يعمل الرجال في قطاعي الزراعة والإنشاءات ويأتي جلهم من الدول العربية مثل مصر والسودان، بينما تعمل النساء كخدم للمنازل، ويأتي معظمهن من جنوب شرق آسيا، في حين يشتغل الرجال من المطقة ذاتها بشكل أساسي في قطاع الملبوسات. وتقع مسؤولية تأمين تصريح العمل على عاتقل المشغل، الذي يتوجب عليه أيضا تغطية كافة التكاليف المرتبطة باستقدام العامل. الحصول على تأشيرة عمل عملية معقدة وتمنح هذه التأشيرة عادة على أساس عقد لسنة واحدة. ولا يستطيع معظم المشغلين منح عقد لسنة كاملة بدوام كامل، لأنهم عادة يبحثون عم عمالة موسمية أو عمال بدوام جزئي. فضلا عن ذلك، فإن العقد السنوي يشترط عليهم مساهمة كبيرة في الضمان الاجتماعي، وهم لا يرغبون في عقد هذه الالتزامات على أنفسهم. لهذا السبب، يبقى الخيار الوحيد أمام العمال المهاجرين العمل بدون تصريح. ولكن هذا يعني أنهم لا يستطيعون التسجيل في نظام الضمان الاجتماعي، والحصول على المزايا الاجتماعية من أتعاب تقاعد أو معاش عند المرض أو تأمين صحي. بالإضافة لذلك، فإن العمل في القطاع غير النظامي غير مستقر، وظروف العمل رديئة، وغالبا ما يتلقى العمال أجرا أقل من الحد الأدنى للأجور.
من المفترض أن يحصل العمال المهاجرون الحاملون لتصريح عمل على مزايا الضمان الاجتماعي، ولكن وضعهم يبقى هشا بسبب نظام الكفالة الذي يفرض على العامل البقاء في خدمة مشغل معين، بينما يمنح صاحب العمل سلطات موسعة على العاملين لديه، ما قد يصل إلى حد استغلالهم فعليا. صحيح أن الحكومة بدأت مؤخرا بإصدار ما يسمى "بتصريح العمل المفتوح"، الذي يسمح للعمال بالانتقال من مشغل لآخر بحرية، إلا أن هذه التصاريح بقيت محصورة في قطاعي الزراعة والإنشاءات ما يترك أعدادا مهولة من العمالة الوافدة تحت رحمة نظام الكفالة.
هشاشة وضع العمال المهاجرين، خاصة خادمات المنازل، تجعلهم عرضة للاستغلال وانتهاك حقوقهم. وتشتمل هذه الانتهاكات على قضايا مسجلة للاتجار بالأشخاص في الأردن. الاتجار بالأشخاص مشكلة عالمية الانتشار، وتعد وفق القانون الدولي جريمة خطيرة وانتهاكا جسيما لحقوق الإنسان. وهي قضية معقدة ومركبة، ولكنها بعبارة بسيطة تشير إلى الاستغلال التجاري والتبادلي لشخص لخدمة التاجر أو أشخاص آخرين.
يدعم مكتب هينريش بل في فلسطين والأردن منظمات المجتمع المدني في الأردن الهادفة لتدعيم حقوق العمال المهاجرين والقضاء على الاتجار بالأشخاص. وتتعاون المؤسسة مع المؤسسات الشريكة لإبراز ظروف العمل القاسية التي يعمل فيها هؤلاء العمال، وانتهاك حقوقهم. وتشتمل الجهود على التوعية بالقانون الأردني لمكافحة الاتجار بالبشر ودعم الجهود التي تبذلها الدولة لمكافحة هذه الجريمة.