المهندس زايد ينتج الفحم الحيويّ من المخلّفات الزراعيّة

المهندس زايد ينتج الفحم الحيويّ من المخلّفات الزراعيّة

11/05/2016

غزّة- خاصّ نوى- تمام محسن

بينما كان المهندس حسن زايد يتجوّل بين المزارع الممتدة شمال قطاع غزّة، استوقفته الكميّات المتراكمة للمخلّفات الزراعيّة، وحملته إلى التساؤل "لماذا تُهدر هذه المخلّفات في النفايات؟ وهل يمكن الاستفادة من هذه الكميّات الكبيرة لإنتاج الطاقة؟ وكيف؟" أخيرًا وجد المهندس لهذه الأسئلة إجابات في مشروعه ’إنتاج الفحم الحيويّ‘.

فكرة نوعيّة

يقول المهندس زايد عن فكرة المشروع (43 عامًا): "راودتني فكرة المشروع قبل 4 سنوات، حيث كنت أرى الكميّات الكبيرة للمخلّفات الزراعيّة في بيت لاهيا شمال القطاع، والتي يتمّ إهدارها وتُشكّل عبئًا كبيرًا على المزارعين، ولا يستفاد منها. فقمت بجمع بعض العيّنات منها، وتجفيفها، ثم تفحيمها بمعزل عن الهواء، فتبيّن أنّ 70% منها يحتوي على فحم ممتاز".

يشير زايد إلى أنّ هذا الفحم الحيويّ مستخدم في العديد من الدول، خاصّة دول شرق آسيا كاليابان، في تسميد التربة وصناعة الأعلاف، ومكافحة الآفات الزراعيّة.

يوضّح المهندس زايد مراحل إنتاج الفحم كالتالي: "أوّلًا: نقوم بتجميع المخلّفات الزراعيّة وبقايا الأشجار وكبسها بعد التجفيف والتقطيع، ثمّ تسخينها في معزل عن الهواء إلى درجات حرارة عالية تصل إلى 500° مئويّة، فيما يعرف بالتقطير الإتلافيّ. ينتج عن هذه العملية أبخرة كثيفة يتمّ تجميعها لتتحول إلى سائل لونه بنيّ قاتم يحتوي على بخار الماء وعناصر كيميائيّة كثيرة".

يتابع "ثمّ تأتي مرحلة فصل المكوّنات للحصول على ما يعرف بـ ’خلّ الخشب‘ المستخدم حاليًّا في اليابان وشرق آسيا وأوروبا كمادّة مسمّدة للتربة وقاتلة للحشرات، كما أنّها تضاف لأعلاف الحيوانات للحصول على انتاجيّة أفضل".

 ويضيف "أمّا المخلّفات التي تمّ تسخينها في معزل عن الهواء في فرن خاصّ فإنّها تتحوّل إلى كربون، وهو المكوّن الأساسيّ لصناعة الفحم المضغوط والفحم الحيويّ الذي يضاف إلى التربة لتحسين خصوبتها".

وبحسب ما يقوله زايد، ينتج عن هذه العمليّة ثلاثة مخرجات رئيسيّة هي: الفحم الحيويّ المستخدم عالميًّا في تخصيب التربة، وخلّ الخشب وهو أحد سوائل تقطير الفحم ويستخدم في الزراعة والأعلاف، والفحم المضغوط المستخدم للتدفئة والشواء ويتميّز بأنّه سريع الاشتعال ويدوم اشتعاله فترة أطول. هذه المخرجات الثلاثة هي بالإضافة إلى منتجين ثانويّين هما: بودرة الفحم، والقطران. ويسعى المهندس زايد حاليًّا إلى صناعة الفحم النشط والذي يعتبر أحد أهمّ المنتجات العالميّة المستخدمة في عالم الصناعة، بحسب قوله.

وفي إجابته على سؤال كيف يمكن لقطاع غزّة الاستفادة من هذه العمليّة، يقول: "الفكرة تفيد غزّة المنهكة ليس من الحصار ولكن من المبيدات الحشريّة المسرطنة والقاتلة، واللامبالاة من استخدام تلك المبيدات بشكل مُفرط".

الصعوبات

وعلى رغم من توفّر المادّة الخامّ المستخدمة في الانتاج محلّيًّا، وحرص المهندس زايد على تصنيع ماكينات الانتاج بنفسه، لا تزال بعض العقبات تواجه عمليّة إنتاج الفحم الحيويّ في القطاع، أبرزها مشكلة الكهرباء. يقول زايد: "نحتاج إلى كهرباء 3 فاز لتشغيل مطحنة المادّة الخامّ، وهذا مكلف بشكل كبير، بالإضافة إلى غياب التمويل للنشاطات التطويريّة المستمرّة للمشروع".

لكنّه لم ييأس، بل سعى إلى الانضمام لأحد الحاضنات للحصول على تمويل لمشروعه. وكان قد أسّس مصنعه الخاصّ للبدء بتزويد السوق المحلّيّ بالمنتج، لكن تعرّضه للقصف خلال العدوان الأخير على قطاع غزّة، في تمّوز/يوليو 2014، أعاق تسويق الفحم في الوقت المزمع.

مشروع بذرة

يحاول المهندس زايد إعادة تأهيل مصنعه، مستفيدًا من منحة ماليّة مقدّمة من مشروع ’بذرة‘ لدعم وتمكين المشاريع الرياديّة الناشئة والصغيرة. وقد جرى اختيار مشروع حسن زايد من بين 1000 مشروع تقدّموا إلى ’بذرة‘ في مرحلة استقبال الطلبات. واستطاع إثبات قدرة فكرته على النجاح أمام لجنة التقييم المختصّة.

توضّح إسراء موسى، مسؤول تطوير الأعمال في مشروع ’بذرة‘: "تمّ اختيار مشروع ’إنتاج الفحم الحيويّ المضغوط‘ من قبل اللجنة المكلّفة بتقييم المشاريع، حيث لفت انتباه اللجنة منذ المرحلة الأولى لأنّه يسدّ حاجة في القطاع، وقائم على مفهوم الطاقة المتجدّدة والاستدامة والتخلّص من النفايات لإنتاج الطاقة".

وتضيف "خلال فترة إنتاجه قبل عدوان 2014 على قطاع غزّة، كان هناك إقبال على منتجه وأثبت وجوده في السوق، وخلال عملية تقييمنا جرى اختباره مرّة أخرى، وتبيّن أنّ لدى المشروع القدرة على النجاح والتقدّم في السوق".

نشرت في الأساس باللغة العربيّة على موقع شبكة نوى.