بقلم سارة صوّان
كان شعار "العرب – آن أوان القيادة" يزخرف بلوزتي السوداء أثناء مشاركتي العام الماضي في مؤتمر الأطراف 18 في الدوحة، بصفتي عضو الوفد الشبابيّ من ’حركة الشباب العربيّ للمناخ‘ (AYCM). كان ذاك نداءنا إلى العالم العربيّ ليأخذ التغيّر المناخيّ مأخذ الجدّ، ولحثّ قادتنا على تطوير وتنفيذ استراتيجيّة تنمويّة منخفضة الكربون شاملة. للأسف، لم يحدث سوى القليل في الدوحة، ويكمن الاختبار الحقيقيّ الآن في كيفية الاستمرار في حثّ الحكومات العربيّة على الالتزام الطوعيّ. يمكننا اليوم، وبعد مرور الأسبوع الأوّل من مفاوضات المناخ في وارسو، يمكننا أن نخمّن أنّ الموقف العربيّ لن يتغيّر.
يوم السبت، السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2013، وبعد أسبوع من أعمال مؤتمر الأطراف 19 في وارسو، اجتمع كل من ’حركة الشباب العربيّ للمناخ‘ و’IndyAct‘ والأعضاء العرب من الوفد المراقب الخاص بمؤسسة هينرش بل، اجتمعوا لأوّل مرّة منذ بدء الدورة الحاليّة للمفاوضات. تشاركوا في انطباعاتهم عن اجتماعهم مع جامعة الدول العربيّة الذي كان قد انعقد صباح ذاك اليوم.
وُصف بعض ممثلي الجامعة العربيّة بأنّهم ’متعاونون‘، في حين وُصف آخرون بدرجات أقلّ من التعاون. تتجاوب الحكومات العربيّة المختلفة بشكل متباين مع ناشطي المجتمع المدنيّ وتفاعلهم، وبالتالي فإنّ أساليب المناصرة والضغط يجب أن تختلف من دولة إلى أخرى. فما يبدو أنّه فعّال في لبنان مثلًا على مستوى الضغط على الحكومة، لن يكون مفيدًا بالضرورة في البحرين.
لقد وُصف نشطاء المجتمع المدنيّ بأنّهم أقلّ عدائيّة مقارنة بمؤتمر الأطراف للعام المنصرم. فهم الآن يبحثون عن طرق للتعاون وعن "حاجة إلى ممارسة الكثير من الضغط [على الحكومات العربيّة] للوصول إلى وعود جديدة لقمّة بان كي مون في شهر أيلول/سبتمبر القادم"، كما يوضّح وائل حميدان من شبكة العمل المناخيّ (Climate Action Network).
يواجه المجتمع المدنيّ العربيّ العديد من التحدّيات حين يتعلّق الأمر بالتغيّر المناخيّ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منطقة تُعدّ الأضعف من حيث الوعي والمناصرة في قضايا التغيّر المناخيّ.
كيف تتوقّع من أناس يعيشون في مناطق دائمة التأزّم، من دمشق إلى غزّة أو ميدان التحرير، أن يفكّروا حتّى بالتغيّر المناخيّ؟ وكيف تتوقّع من دولة يعتمد اقتصادها على الغاز والنفط، كالسعوديّة أو قطر، أن تضع جهدًا في الانتقال من الطاقة الأحفوريّة؟ بالتأكيد لن يكون التغيّر المناخيّ من المواضيع الهامّة على جدول أعمالها السياسيّ.
تدرك العديد من الحكومات العربيّة أنّ العمل على قضايا التغيّر المناخيّ ينافي مصالحها، حيث إنّها تتعارض مع أولويّاتها في إبقاء العالم مدمنًا على المصادر المتوافرة لديها. إن انعدام وجود أنظمة حكم ديمقراطيّة أو حتّى وجود استقرار سياسيّ في المنطقة، ومع استمرار ضعف مطالبات المجتمع المدنيّ بزيادة الاهتمام بهذه المشكلة العالميّة، يجعل من الصعب وضع التغيّر المناخيّ على قمّة جدول الأعمال.
كيف ستسير الأمور بعد مؤتمر الأطراف هذا؟ تقول لمى الحتو من الوفد المراقب الخاص بمؤسسة هينرش بل مجيبة على السؤال: "نحن في حاجة إلى فهم الطريفة الفضلى للعمل محلّيًّا على قضايا التغيّر المناخيّ وإلى [كيفية رفع] وعي الناس في هذه المنطقة بشأن أنماط الاستهلاك والتنمية المستدامة". وتضيف: "هذا هو أفضل وقت للسماح للحركات والمجموعات البيئيّة والمناخيّة بالتقدّم إلى الواجهة وإلى أعلى جدول الأعمال وأن تضع استراتيجيّة لكيفيّة وضع الخطط الأفضل من أجل الأجيال القادمة" في إشارة منها إلى ’الربيع العربيّ‘ والدول قيد التحوّل.
رغم أنّ التغيّرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هائلة، إلّا أنّ فرص تحسين مستوى المعيشة للأجيال القادمة مثيرة. فالأجيال القادمة تستحقّ أن تحيا في مجتمعات متجاوبة ومرنة.
نشرت هذه المقالة لأوّل مرّة بتاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 عبر ’ The Verb[p1] ‘