بقلم سارة صوان
إنه "خربطة" أعتقد هذا أفضل ما استطعت الوصول اليه لوصف اسبوعين متواصلين من مفاوضات المناخ المنعقدة في وارسو, بولندا لهذا العام.
COP19 هو مؤتمر الأطراف التاسع عشر للاتفاقية الاطارية للتغير المناخي للأمم المتحدة, والتي تسعى الى الوصول الى اتفاقية ملزمة لجميع الأطراف لتحمل المسؤولية والمساهمة في الحد من انبعاثات الكربون والتكيف مع آثار التغير المناخي. نعم, كل هذه الأمور مجتمعة تقوم من أجلها مفاوضات المناخ.
لم تعد المعضلة بالنسبة لنا اذا كان تغير المناخ يحدث ام لا؟ لأن العلم يؤكد ذلك وبقوة على أن ما يحصل لهذا الكوكب مسؤولية الانسان وأنشطته الصناعية. ففي التقرير الاخير ل IPCC وهي الذراع العلمي للاتفاقية الاطارية للأمم المتحدة لتغير المناخ. جاء فيه أن تغير المناخ يحدث بتسارع وبلا هوادة وأن الأثر الأجدر بالجميع أن يبدأ بالتحرك لوقف تغير المناخ والبدء بوضع خطط طموحة لعام 2015"العام الكبير" الذي سيشهد التزام جميع الاطراف للبدء بحد اثار التغير المناخي.
رافقت مفاوضات المناخ في وارسو أحد أكثر احداث تغير المناخ كارثية, إنه إعصار هايان , الذي خلف ضحايا تقدر ب70,000 خسارة موت, قال المفاوض الفلبيني يب سانو خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمفاوضات أنه جالس هنا مقعده ولا يعرف بعد إذا كان أفراد عائلته بأمان أم لأ؟ كوارث المناخ تلح على ضرورة وجود سيبل لتعويض المتضررين من التغير المناخي وهذا هو هدف تبني اطار عمل الفقدان والخسارة loss and damage mechanism التي أتت بعد كفاح دام عقدين من الزمن من قبل الدول النامية, وقد تم تبنيها هذا العام, السؤال هل يرقى هذا النص الذي تم تبنيه في وراسوا الى امال وتطلعات المتضررين, بالطبع لا, لأنه تم تبني هذه الاطارية الجديدة تحت ما يسمى بالتكيف لتغير المناخ بدل من مسار جديد لتعويضهم.
ففي عام 2015 يجب أن تأتي الدول بمساهماتها والتزاماتها-الدول المتقدمة خصوصا- للحد من الغازات الدفيئة وتقدمها على الطاولة لتدخل حيز التنفيذ في عام 2020. هذه الالتزامات التي يجب الاتفاق عليها في قمة باريس عام 2015, العلم يقول أنه لإغلاق الفجوة بين الانبعاثات الموجودة وبين ما يجب ان تصل عليه لتبقى حرارة الكوكب أقل من 2درجة مئوية ,يلزم مشاركة الجميع سواء دول نامية ام متقدمة لوقف تسارع التغير المناخي.
لعل أهم ما شهدته في وارسو كان حدث خروج المجتمع المدني من المفاوضات, #VOLVOMERS (we will back) كانوا أكبر ملهم لي, كان يقدر عددهم حوالي 800 شخص ,هؤلاء الذين أعربوا عن استيائهم مما يحدث داخل اروقة المؤتمر بتركهم المؤتمر ببساطة وقولهم اننا سنرجع أقوى لنقف في وجه القوى النفطية الممولة للتغير المناخي. لعل ما يخفف من انزعاجي واحباطي مما يجري في هذه المفاوضات هو انني تبنيت المسار الصحفي, واعتمادي لمراقبة التطورات عن كثب, عوضا عن الضغط على حكومات العالم للوصول الى اتفاقية.
هذه أهم المخرجات باختصار:
منهاج عمل ديربان ADP: بعد عراك دام لأسبوعين تم التوصل الى النص بصفحاته الثلاث, منهاج عمل ديربان بمساريه التفاوضيين , المسار الأول1 الذي يتضمن اتفاقية عالمية في 2015 ستدخل حيز التنفيذ في عام 2020 والمسار الثاني2 الذي يتضمن وضع خطط طموحة لما بعد 2020. لم يعجب النص أحد, حيث انه غير واضح ولا يعطي أي جدول محدد لوضع الالتزامات, وقد تم ازالة أي اشارة للعدالة equity من هذا النص والسبب يرجع الى مجموعة LMDC وهي مجموعة الدولة الغنية بالنفط والدول التي تستثمر في الفحم كمصدر طاقة مثل السعودية والصين وفنزويلا, يجمل النص فقط على ضرورة وضع التزامات لقمة بانكي مون المزمع عقدها في سبتمبر 2014.
الفقدان والخسارة Loss and Damage :نعم, تم تبني هذه الاطارية بعد عقدين كاملين من الكفاح لأجلها وهي تحتوي على الحد الأدنى من متطلبات الدول الفقيرة النامية والجزر الصغيرة , لكن على الأقل تم تبني وسيلة للتعويض ضحايا التغير المناخي وهذا شيء جيد.
التمويل Finance: كان من المفترض ان يكون اجتماع وارسوا مؤتمر التمويل, لكن لم يظهر المال بعد! من المفترض وضع 100مليار دولار امريكي في صندوق التكيف للمناخ, بعض الدول قدمت ما مجموعه 100 مليون لهذه اللحظة لكن الوعد الكبير 100 مليار مازال فارغا!
REDD+: وهي الاطار المعني تخفيف الانبعاثات من إزالة الغابات, فقد تم تبني نص لحماية الغابة وتجنب إزالتها وقد قدمت حكومات متعددة من ضمنها بريطانيا والولايا المتحدة والنرويج مبلغ 280مليون دولار امريكي لهذا الغرض.
كيف يمكننا إصلاح النموذج الحالي لدينا لهذه المفاوضات؟ كيف يمكننا العمل على خارطة الطريق اللازمة لاتفاق المناخ عام 2015؟
هذه الاسئلة سوف يتم الاجابة عليها في الاشهر المقبلة