لقد نفدَ الؤلؤ من الخليج، ونعلم جميعًا أنّ التالي هو النفط.
خلال مؤتمر الأطراف 18 في سنة 2012، قدّمت أربع من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة مشتركين مذكّرة تاريخيّة إلى اتفاقيّة الأمم المتحدّة الإطاريّة المعنيّة بتغيّر المناخ، لتقديم جهودهم الوطنيّة ونشاطات التعاون تحت مظلّة التنوّع الاقتصادي.
أمّا خلال مؤتمر الأطراف 19 في وارسو، فقد أقام مفاوضو كلّ من السعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة والبحرين وقطر، أقاموا نشاطًا جانبيًّا ليشركوا الحضور فيما أنجزت بلدانهم من تقدّم وطنيّ متمثّل بالمبادرات البيئيّة.
لقد اتّفقت الدول الأربع على زيادة كميّة الطاقة المنتجة من المصادر المتجدّدة للطاقة، خاصة الطاقة الشمسيّة. تهدف البحرين إلى أن تكون 5% من طاقتها مصدرها متجدّد وذلك بحلول سنة 2020، في حين ترغب قطر بأن تنتج 2% من كهربائها من الطاقة الشمسيّة مع حلول ذات العام. تقول السعوديّة إنّها تأمل بأن يكون ثلث الطاقة التي تحتاج مصدره الشمس في سنة 2032. أمّا الإمارات العربيّة المتّحدة فتستضيف الهيئة الجديدة ’الوكالة الدوليّة للطاقة المتجدّدة‘، في حين إن عاصمتها أبو ظبي، وهي التي تهدف إلى توليد 7% من طاقتها من الموارد المتجدّدة في سنة 2020، فهي موطن ’مدينة مصدر‘ المدينة الخالية من المركبات والتي بها عمارة فنيّة من الطراز الرفيع وصديقة للبيئة. أخيرًا، تخطّط دبيّ أن تكون 5% من تشكيلة طاقتها مصدرها الشمس بحلول سنة 2030.
واحدة من التطوّرات الشيّقة فيما يتعلّق بسياسات الطاقة في الإمارات العربيّة المتّحدة والسعوديّة هى أنّ كلتيهما تستثمران في الطاقة النوويّة. تبغي الرياض تركيب طاقة نوويّة تصل إلى 5.4 غيغا واط بحلول سنة 2032، في حين أعلنت الإمارات العربيّة المتحدّة عن خططها بتركيب طاقة نوويّة تصل إلى 5.6 غيغا واط بحلول سنة 2020. حين سألت صفاء الجيوسي من حركة السلام الأخضر البحر المتوسّط (Greenpeace Mediterranean) المفاوضَ السعوديَّ عن سبب استثمار بلاده في الطاقة النوويّة أجابها أنّه لا بدّ من هذا الخيار إذا ما أرادت السعوديّة تلبية احتياجاتها من الطاقة، مدّعيًّا أنّ الطاقة الشمسيّة لوحدها لن تكون كافية.
يبقى السؤال المحوريّ: هل من فارق؟ في ردّ له على سؤال لقناة الجزيرة في مؤتمر الأطراف 2012، قال المفاوض البوليفيّ بابلو سولون "ليست المشكلة هي عدد الخلايا الشمسيّة التي يمكن للسعوديّة أن تقتني. المشكلة هي كم من المتحجّرات النفطيّة التي تملكها السعوديّة سيذهب إلى العالم بأسره؟" أخذًا بالاعتبار سرعة تنامي استهلاك العالم للطاقة، وفي ضوء تأثّر بعض دول الخليج بانحدارها عن قمّة انتاجية النفط، فإنّ تنويع مصادر الطاقة بما في ذلك المتجدّدة منها يمكن أن يساعد على تقليل الانبعاثات وأيضًا بعض المنافع الاقتصاديّة.
يشير تلخيص عن مساهمة ’الفريق العامل الأوّل‘ في تقرير التقييم الخامس الذي سيصدر عن الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ، وهو تلخيص لصنّاع القرار صدر في شهر تشرين الأوّل/أكتوبر 2013، يشير إلى الهوّة المتناميّة بين الجهود العالميّة للحدّ من الانبعاثات وبين ما هو ضروريّ لبلوغ هدف ’الدرجتين‘. فلن يتمّ بلوغ الهدف دون مشاركة الدول الناميّة.
يشرح آكسل ميشيلوفا من كلايميت نيت بيرسبيكتيفز (Climate Net Perspectives) في نشاط على هامش المؤتمر "لقد بدأت بالفعل نشاطات الحدّ من الانبعاثات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة، ويوجد طموح حقيقيّ في عدّة مجالات، غير أنّ إدغام مقاييس الحدّ من الانبعاثات في الخطط السياساتيّة يمثّل في حدّ ذاته تحديًّا بالرغم من خصائص الربح للجميع". للتمثيل على هذه الفكرة الأخيرة، يؤكّد فهد بن محمد العطيّة، وهو رئيس برنامج الأمن الغذائيّ الوطنيّ القطريّ، يؤكّد على حاجة قطر لتأمين الموارد الأساسيّة، منوّهًا إلى حقيقة أنّ قطر تملك مخزون ماء قابلًا للتصرّف يكفي لمدّة 48 ساعة فقط. فهي دولة تعتمد في ماء شربها على تنقية المياه بوسائط منهكة طاقيًّا، ما يرفع من احتياجها المستمرّ إلى الكهرباء.
يشير آكسل ميشيلوفا إلى أنّ دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة لديها قدرات كامنة هامّة للحدّ من الانبعاثات، ويمكنها بالتالي المساهمة في حراكيّة إيجابيّة من خلال الوعود التي يمكن أن تقدّمها في سياق التحضيرات لمؤتمر باريس (مؤتمر الأطراف 21) في سنة 2015، والذي سيتمّ خلاله توقيع معاهدة دوليّة تحلّ محلّ برتوكول كيوتو.