مجد صبحي أبو زغلان
الحاجة الحقيقية في الأردن للتحول إلى طاقة خضراء
December 17, 2012
يجري حالياً تحضير سياسة التغير المناخي في الأردن -على الرغم أن بعض القطاعات أصدرت استراتيجياتها المختصة في التكيف مع التغير المناخي وهي أكثر تفصيلاً من السياسة- لكن الحاجة لتنظيم وقولبة العمل تحت إطار واحد بدى ملحاً تحت المتغيرات السياسية والاقتصادية والبيئية الحالية.
في الإجتماعات والمحاضرات والفعاليات المصاحبة لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الثامن عشر تناقش البلدان المشاركة جوانب حساسة تؤثر على حياة المليارات ومما استرعى انتباهي واهتمامي مفهوم "الطاقة الخضراء" وما للحكومات من دور حاسم في تشجيع التحول إلى تقنيات الطاقة النظيفة بدعم من القطاع الخاص.
ومضة حول واقع الطاقة الحالي في الأردن
يستورد الأردن حوالي 96% من طاقته وينفق حوالي 25% من الناتج الوطني للحصول على الطاقة يتزايد الطلب الأردني على الكهرباء بنسبة 5 - 7% سنوياً. ظلّ تخفيض عبء فاتورة الطاقة عن كاهل الموازنة العامة الأرق الذي يكتنف الحكومة فأصبح التوجه إلى مصادر طاقة أكثر استدامة ضرورة ملحة. فإن ضمان توفير طاقة مستدامة للجميع من بين الركائز الأساسية التي يجب مراعاتها لتأسيس اقتصاد أخضر.
قامت الحكومة بتحضير قائمة ضمت 21 مشروعاً مقترحاً ضمن المشاريع الوطنية الأكثر ملائمة لتخفيف آثار التغير المناخي في الأردن والأولوية لمشاريع تحسين كفاءة استهلاك الطاقة حيث أنها الأسرع تطبيقاً والأقل كلفة على الصعيد المحلي. ويوجد جهود تمت خلال السنوات القليلة الماضية لتجهيز السوق الأردني للبدأ بمشاريع التخفيف من خلال مشروع بدعم من البنك الدولي وتحت إشراف وزارة البيئة.
في ظل واقع الطاقة الحرج قامت مجموعة من الناشطين الشباب مطلع هذا العام بتوجيه عريضة للحكومة الأردنية أطلق عليها اسم “دعوة لليقظة” لإلقاء الضوء على ضرورة استغلال مصادر الطاقة المتجددة.
مزيج طاقة أكثر تنوعاً
مما قرأت و أدهشني أن استثمارات الطاقة المتجددة حول العالم بلغت عام 2011 رقماً قياسياً هو 257 مليار دولار إلا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حلت في مركز متأخر مع 5.5 مليار دولار من الحجم الكلي للاستثمارات الموجهه في هذا القطاع بالرغم من وفرة مصادر الطاقة المتجددة.
إن الأردن يحظى بمصادر طاقة متجددة هائلة حيث تم تسجيل معدل سرعة الرياح في بعض المناطق تبلغ 5-7 أمتار بالثانية وبالنسبة للطاقة الشمسية فإن الأردن يقع ضمن ما يسمى "حزام الشمس" الذي يستفيد من قوة الإشعاع الشمسي والحرارة معاً، لذا لا بد من التحرك الفعلي لزيادة حصة الطاقة المتجددة في قطاع الطاقة.
ولتحقيق نهضة في مجال الطاقة المتجددة لا بد من إدخال إصلاحات في السياسات والتدابير التشجيعية الحالية والاستثمار في الأبحاث والدراسات وكجزء هام يجب إنهاء احتكار الحكومة لسوق الطاقة وإيجاد فرص استثمار عن طريق تطوير برامج تمويلية فاعلة.
التحول إلى طاقة خضراء يساهم في تحقيق التنمية والاستقلال في انتاج الطاقة والوصول لخدمات طاقة يمكن للمواطنين تحمل نفقاتها بالإضافة لخلق "فرص عمل خضراء"
ومن الجدير بالذكر أن الأردن بصدد إنشاء مشروع مفاعل نووي لتوليد الطاقة الكهربائية، ولكنفي الواقع إن قدرة الأردن على إدارة مفاعل نووي لا تزال موضع خلاف حيث لا بد من إعادة النظر في توجه الحكومة للاستثمار في الطاقة النووية لما يشكل خطراً وجودياً جدياً في الوقت الراهن على منطقة تفتقر للأبحاث والكفاءات وأنظمة إدارة المخاطر، ولا نغفل القيود العالمية التي تُفرض على توليد الطاقة النووية حيث لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن الأردن كغيره من البلدان عليه أن يعتمد على السوق العالمي لتزويده بالوقود النووي بغض النظر عن توفر احتياطات اليورانيوم.
ونهاية ليس بالضرورة أن يكون كل ظرف مناخي متطرف وبالغ الشدة هو دليل على تغير المناخ ولكنني ألمس أثره السلبي على العديد من القطاعات الرئيسية في الأردن. ولا أنفك أتسائل إلى متى ستبقى صورتنا تبدو كبلد نامٍ معرض للمخاوف والأزمات في حال شح الموارد النفطية ؟ ولم يريد البعض "نبش" المعادن المدفونة بينما يفيض وجه الأرض بالعديد من المصادر المتجددة الأخرى؟