الطابعة ثلاثيّة الأبعاد - هل تشقّ طريقها نحو قطاع غزّة؟

24/5/2016

غزّة – خاصّ نوى – تمام محسن

منذ بضعة أعوام، غزت العالم تقنيّة جديدة متطوّرة في عالم الطباعة ألا وهي الطباعة ثلاثيّة الأبعاد، ووجدت لها مكانًا في المصانع والمنازل، حتّى محطات الفضاء.

أشارت تقديرات شركة ’ستاتيستا‘، وهي شركة تُعنى بجمع التقارير البحثيّة، إلى أنّ سوق الطباعة ثلاثيّة الأبعاد، بما فيه موادّ الطباعة والخدمات ذات الصلة، سيحقّق مبيعات تصل إلى 16.2 مليار دولار سنة 2019، بعدما حقّق 3.8 مليار دولار سنة 2014. فهل تجد هذه التقنيّة الحديثة سريعة الانتشار طريقًا نحو قطاع غزّة المحاصر؟الشاب محمد أبو مطر(29 عامًا) عقد العزم على صناعة أوّل طابعة ثلاثيّة الأبعاد في قطاع غزّة، مستفيدًا من نماذج تصميم متاحة عبر الإنترنت، وخبراته في تصميم اللوحات الإلكترونيّة.

يوضّح أبو مطر، الذي يعمل مصمّم لوحات وأجهزة إلكترونيّة، قائلًا: "أثناء تصميم اللوحات الإلكترونيّة للزبون، قد أحتاج إلى بعض القطع غير المتوفّرة في السوق المحلّيّ في غزّة، أو تصعب صناعتها بالطرق التقليديّة، فكنت أفكّر لو كان لديّ طابعة ثلاثيّة الأبعاد لكان الأمر أسهل".

يضيف: "استيراد طابعة ثلاثيّة الأبعاد ليس ممنوعًا نصًّا، لكن يحتاج إلى تنسيق وعلاقات مع أشخاص، وليس بمقدوري فعل ذلك".

لدى سؤاله عن بدايات العمل على إنتاج الطابعة، يجيب: "بدأت أوّل محاولات إنتاج طابعة قبل عام، واستعنت بتصاميم على الإنترنت من تصميم شركة (Rebrab) حتّى توصّلت إلى النموذج الأوّل للطابعة، لكنّه نموذج قديم جدًّا".

بعد محاولات كثيرة وتجارب لعدّة نماذج، يقول إنّها كلّفته 3000 دولار، التقى أبو مطر بأحد خبراء الطباعة ثلاثيّة الأبعاد، والذي كان في زيارة للقطاع. ويقول أبو مطر: "شاهد الخبير الأجنبيّ الطابعة ولكنّها لم تعجبه وقال إنّها تكنولوجيًّا قديمة جدًّا مقارنة بما هو موجود حول العالم اليوم، ووعد بالعمل على توفير القطع الإلكترونيّة المطلوبة لنموذج أحدث".

أهميّة الطابعة

تُستخدم الطباعة ثلاثيّة الأبعاد في مجالات عديدة منها صناعة المجوهرات، والأحذية، والتصميم الصناعيّ، والعمارة، والهندسة، والإنشاءات، والسيّارات، والطائرات، وطبّ الأسنان، والصناعات الطبّيّة.

ففي الوقت الذي تشير فيه توقّعات خبراء تقنيّة الطباعة ثلاثيّة الأبعاد إلى أنّها ستستخدم يومًا ما في جلّ الصناعات، لكن حتّى وقتنا هذا، يمثّل مجال صناعة الفضاء أحد أكبر المستفيدين منها.

أمّا بالنسبة لقطاع غزّة، يتوقّع أبو مطر أن يكون للطابعة "مستقبل كبير خاصة في ظروف الحصار، وعدم توفّر الموادّ الخامّ على الدوام".

ويضيف: "تتمثّل أبرز احتياجات القطاع في المجال الطبّيّ، حيث هناك حالات كثيرة لبتر الأطراف والإعاقة بسبب الحروب. فبالإمكان الاستعانة بالطابعة لإنتاج بعض الأجزاء التي تساعد فنّيّي صناعة الأطراف الصناعيّة على إتمام عملهم بأفضل طريقة ممكنة".

السوق والمنافسون

عند الحديث عن تسويق الطابعة في القطاع، يوضح أبو مطر: "بإمكان الجميع اقتناء الطابعة وبسعر لا يتجاوز 1200 دولار للواحدة منها، وستسهّل عمل الأشخاص وتوفّر الوقت". ويحدّد ثلاث شرائح لتسويق الطابعة في المرحلة الأولى، وهي: مؤسّسات التعليم، الطبّ، وصانعو المجوهرات.

أمّا عن المنافسين، فيوجز أمرهم أبو مطر بالقول: "كلّ شخص قادر على إنجاز عمله بدون الطابعة ثلاثيّة الأبعاد هو منافس، كأصحاب محلّات الخردة مثلًا".

ولمواجهة هذا القطاع الضخم من المنافسين "يحتاج أبو مطر إلى خطّة تسويقيّة محكمة" كما يوضّح يوسف الحلاق، مسؤول تطوير الأعمال في مشروع ’مبادرون 3‘.

ويشارك أبو مطر مع زميل آخر له هو محمد لبد (21 عامًا) في مشروع ’مبادرون 3‘ لدعم الشباب الرياديّ، حيث يستفيد من منحة ماليّة لتمويل شركته الناشئة التي تحمل اسم 3D Printing Art.

ويقول الحلاق: "لدى محمد أبو مطر رؤية واضحة لما بعد إنتاج الطابعة، لكنّه في حاجة إلى دعم مادّيّ لتمويل تجاربه، واستشارات للتسويق وإدارة مشروعه والتعامل مع الزبائن".

وفي تساؤل حول مستقبل الطباعة ثلاثيّة الأبعاد في القطاع يجيب الحلاق: "تتميز غزّة بأنّها متقدّمة نسبيًّا في مجال التكنولوجيا، وتسعى دائمًا إلى ملاحقة ما هو جديد في هذا المجال. إضافة إلى أنّ هناك كثيرًا من الصناعات في القطاع تواجه احتياجًا متزايدًا للموادّ الخامّ التي لا يمكن توفيرها على الدوام في ظلّ الحصار، وهذا ما يعزّز الحاجة إلى طابعة ثلاثيّة الأبعاد".

نشرت في الأساس باللغة العربيّة على موقع شبكة نوى.