"الربيع العربي- النساء والتحول الديمقراطي"

مؤتمرشبكة سلمى الاقليمية لمناهضة العنف ضد النساء في المنطقة العربية( 27 - 30 اكتوبر/تشرين الاول)

"الربيع العربي- النساء والتحول الديمقراطي"

عقدت "شبكة سلمى الاقليمية لمناهضة العنف ضد النساء في المنظقة العربية" وبالشراكة مع  كل من "مؤسسة المجتمع المفتوح" و"مؤسسة هينرش بل الألمانية" مؤتمراً في العاصمة الاردنية عمان تحت عنوان: "الربيع العربي- النساء والتحول الديمقراطي". وشارك في المؤتمر اكثر من ستين امرأة من قيادات الحركة النسوية في احدى عشر بلدا عربيا. فقد حضر المؤتمر ممثلات عن مؤسسات نسوية في كل من لبنان والبحرين واليمن وتونس ومصر وليبيا والاردن وفلسطين وسوريا والمغرب والعراق ومندوبات جمعية نساء ضد العنف في الناصرة.
لقد جاء عقد المؤتمر في ظل الربيع العربي ومرحلة التحولات والاحتجاجات  والثورات الشعبية المطالبة بالديمقراطية وحقوق الانسان. وعلى الرغم من عدم الوضوح والتعقيدات التي تعتري الكثير من البلدان العربية، فقد خاضت النساء العربيات مخاض هذه التغييرات فشاركت بالثورات ولعبت دورا هاما وماتزال في كافة الاحتجاجات الشعبية، ولكن يبدو ان دور المرأة الفعال مهدد بخطر التهميش والاقصاء خلال مرحلة التحول الديمقراطي العربي هذه.
وحيث ان المرحلة الحالية هي مرحلة انتقالية في العديد من الدول العربية فإن الكثير من المواضيع المطروحة تستدعي اصلاحات دستورية وقانونية وسياسية واقتصادية واجتماعية. وعليه  قامت "جمعية نساء ضد العنف" المنسق "لشبكة سلمى الاقليمية" وبالشراكة مع   كل من "مؤسسة المجتمع المفتوح" و"مؤسسة هينرش بل الألمانية" بالدعوة لهذا المؤتمر لمناقشة مشاركة النساء في الربيع العربي وواقع النساء في المرحلة الانتقالية، والتحديات التي تقف امامهن في مرحلة التحول الديمقراطي واستحقاقات التغيير والتطوير داخل الحركة النسوية.
وقد دامت اعمال المؤتمر مدة ثلاثة ايام في الفترة من 27 الى 30 اكتوبر/تشرين الاول . بعد الافتتاح الرسمي للمؤتمر عقدت الندوة الاولى تحت عنوان "شهادات ميدانية نسوية من قلب الثورة". والتي قدمت فيها نساء من كل من مصر واليمن وتونس وسوريا وليبيا والبحرين شهادات حية عن مشاركتهن ومشاركة نساء بلادهن في الثورات.حيث اكدت "مزن حسن" من مصر ان الثورة ليست ثورة الطبقة الوسطى فقط بل هي ثورة كل الناس. وتساءلت لماذ السؤال اين هن النساء؟ لقد كانت النساء في الثورة ولكن الناس لم تر النساء. " بالنسبة لي شخصيا الثورة الغت اغترابي،... لأول اول اندمج مع العام وأري تأثيري فيه." وقالت: " يوم 28 يناير اول مرة اكون واقفة في مكان عام، مكان يمكن ان يجمعني بنساء لسن شبهي، ناس لم نراهم من قبل.....حتى في اللحظات الحرجة احسست بالخوف ولكن في نفس الوقت احسست بالتضامن.... في 8 يوليو رأيت شيئا مختلفا، ظننا ان 18 يوما غيرت الناس، ولكن هناك تراث من الذكورية والطبقية وعدم استيعاب للمجال العام. في 8 يوليو علمت انني يجب ان أتعامل من اناس هم الاغلبية واننا الاقلية.... لا يوجد لدينا خطاب نواجه به السياسة والمجتمع. هناك مساحات جديدة يمكن ان نخلقها ونعمل عليها ولا يجب ان ننتظر نتائج سريعة"
أما سارة من اليمن فقالت :
"وضعنا (النساء) أدراج الدراسة جنباً إلى جنب لنصنع منصةُ نقرأ منها درويش و نحكي عن جميلة بو حيريد و ناجي العلي و إبراهيم الحمدي .. جرحت يدي بمسمار و نحن نلصق الأدراج, فقالت لي رفيقتي ريم: " لا تتألمي, إفرحي هي أول إصاباتك في الثورة!" و في الثامن عشر من فبرير صعدت أنا و ريم على المنصة لنقرأ للمئات الذين صاروا مع الأيام آلافاً ثم ملايين: أنا لا أكره الناس و لا أسطو على أحدٍ و لكن إن جعت آكل لحم مغتصبي" و هكذا كانت المنصة بين الشعر و محاضرات التوعية و رقصات قبائلنا الذين تركوا السلاح ورائهم ليأتوا إلى ساحة التغيير و هم يهتفون سلمية سلمية فنرد : حيّا بكم حيّا بكم, فوق الراس حيّا بكم!  و قدموا الشهيد وراء الشهيد و لا زالوا يهتفون سلمية سلمية...
يوماً بعد يوم, شاهدتُ منصتنا تُسرق... أصبحت بوقاً للأناشيد و محاضرات عذاب القبر.. أصبحنا غرباء في ساحتنا.. غرباء في الوطن.. فحماةٌ الفضيلة يهدمون الخيام التي كانت الثائرات يكتبن فيه المنشورات مع الثوار بحجة الاختلاط.. و حين قلنا لا داسونا بأحذية العسكر و أعقاب البنادق... من داسنا ليس عسكر النظام... بل عسكر الثورة... و كنت كل يومٍ أودع الصديق وراء الصديق و أنا أقول: "و حبوبُ سنبلةٍ تموت.. تملأ الوادي سنابل" وما زلنا نخرج ضد النظام و ضد الظلام... ما زلنا نحمل البالونات و الشموع و الورود و نهتف يسقط يرحل حكم العسكر... و كما قال المقالح: سنضل نحفر في الجدار, إما فتحنا ثغرةً للنورِ, أو متنا على وجه الجدار"

وتابع المؤتمر ابحاثه في اليوم الثاني في جلسات تناولت "واقع وتحديات التحول الديمقراطي" وشاركت النساء في النقاش حول طابع المرحلة والتحديات الماثلة أمام الشعوب العربية بشكل عام والنساء بشكل خاص، حيث كان من الواضح أن آثار التدخلات الخارجية الاجنبية والعربية فيما يجري داخل الدول العربية شكلت الهاجس الاكبر في المؤتمر ، كما احتل المد الاصولي الذي يجتاح تونس ومصر حيزا كبيرا من النقاشات خاصة وان هذه الحركات الاصولية بدأت بالمطالبة بتغيير نصوص قانونية واملاءات في صياغة الدساتير المزمع وضعها مما يشكل خطرا حقيقيا على منجزات الحركة النسوية العربية على ضآلتها.(قانون الاسرة في تونس، التعديلات على قانون الاسرة في مصر، نسبة مشاركة النساء في البرلمان في تونس...) . كما حذرت المشاركات من الثورة المضادة التي قد يقودها فلول النظم الساقطة والتي مازالت متجذرة داخل السياسة والاقتصاد المحلي أو من القيادات العسكرية مثل ليبيا ومصر.
في اليوم الثالث ناقشت الجلسات "طرق ادارة المرحلة الانتقالية للتحول الدمقراطي ودور النساء في تلك المرحلة" وقد اكدت المشاركات على القضايا الاستراتيجية التي يجب الالتفات لها مثل عملية اعادة صياغة الدساتير وأهمية الحكمة في ان تكون هذه الدساتير ضامنة للمواطنة الكاملة والمساواتية للنساء ولجميع فئات الشعب والمحافظة على مكونات الدولة المدنية والعلمانية في بنود الدستور. ورغم المشاركة الفاعلة للنساء خلال الثورات الا أن المشاركات عبرن عن تخوفهن من اقصاء المرأة من الحراك السياسي الحاصل داخل بلدانهن ومن عدم شمل النساء في العملية الانتخابية مشيرات الى ما حصل في تونس وعدم وجود عدد كاف من المرشحات في الاحزاب التي خاضت الانتخابات.
واشارت المشاركات الى اهمية فهم ان الحالة الثورية مبنية على مفهوم التغيير للاصلاح وبناء جديد وبالتالي اول خطوة لتحقيق الامر تكون من خلال تفتيت الاستعمار والاستبداد والليبرالية الجديدة التي هي امتداد للحركة الاستعمارية (مد تاريخي) وهناك رغبة في بناء دولة مدنية وديمقراطية.، دولة تعتمد فصل الدين عن الدولة، وعليه تعتمد القانون الوضعي العقلاني الذي يسن على اساس احترام حقوق الانسان حسب قوانين الشرعة الدولية واعتماد عدم التمييز بين القوانين على اساس اللون او الجنس او العرق او الدين. دولة الحقوق المتساوية والكرامة واحترام اختلاف الرأي، دولة المساواة والمواطنة.
وناقشت المشاركات موضوع العدالة الانتقالية خاصة وان كثير من الجرائم ارتكبتها الانظمة ما قبل الثورة وخلال الثورة ضد النساء مثل التحرشات والمضايقات الجنسية والاغتصاب والتعذيب في السجون وضرورة كشف هذه الجرائم وفضحها ايا كان مرتكبيها مثل الحالة الليبية حيث هناك دلائل أن قوات المعارضة ارتكبت جرائم مماثلة ضد النساء.
واكدت المشاركات في المؤتمر اهمية ان تقوم النساء بطرح مجمل القضايا الوطنية العامة ودمج قضايا النوع الاجتماعي من خلال القضايا العامة اعتمادا على مباديء حفظ الكرامة والمساواة والمواطنة المتساوية والحق بالحماية والرعاية والعدالة الاجتماعية.
في نهاية المؤتمر تم الاتفاق على بعض التوصيات التي يمكن تلخيصها بالآتي:
- تطوير خطاب نسوي ديمقراطي علماني/او مدني واضح وتوضيح بعض المفاهيم
- تطوير آليات جديدة تتوجه للجيل الشاب نساء ورجالا واعادة بناء الثقة مع هذا الجيل وتطوير العلاقة مع النساء اللواتي برزن كقياديات في هذه الثورات.
- تفعيل آليات التشبيك والتنسيق على المستويات الوطنية والاقليمية.
- توثيق وتدوين تجارب النساء في كافة مراحل الثورات ونشرها.
- توثيق الانتهاكات التي عانت منها النساء تمهيدا لاتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة على الاصعدة الوطنية والاقليمية والدولية.
- تطوير آليات التضامن النسوي بين النساء في الدول العربية المختلفة.
- العمل على مشاركة نسوية فعالة في اللجان الخاصة بوضع الدساتير او تعديلها وتوعية الجماهير بالدستور واهميته للجميع.
 
وفي ختام اعماله اعتمد المؤتمر صيغة بيان عام تشيد فيه شبكة سلمى والوفود المشاركة بالدور الذي قامت وتقوم به النساء العربيات في الثورات وفي عملية البناء الديمقراطي في مجتمعاتنا العربية. واكد البيان ان المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية هي فرصة من المهم استثمارها من خلال الارادة السياسية المتوفرة لدى الشعوب والنساء في المنطقة من أجل احداث التغيير الديموقراطي المرجو.
وأعلن البيان التضامن الكامل مع النساء اللواتي يخضن هذه المعركة المصيرية ويلعبن دورا بارزا في اعادة تشكيل النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلدانهن ووجه المؤتمرتحية خاصة لشهيدات الحرية ولكل المعتقلات السياسيات واللواتي تعرضن للقمع والانتهاكات.
كما حذر البيان من تبعات التدخلات الخارجية في شؤون الشعوب لما فيه من امكانية سلب الارادة السياسية والانقلاب على طموحات الشعوب ونهب خيرات المنطقة واعادة ترتيب حدودها. ودعى البيان الى أوسع تلاحم نسوي تضامني من أجل الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.

فيلم الإفتتاح

روابط ذات علاقة